السؤال
سؤالي هو: أن بيني وبين بعض الأشخاص ـ هدانا الله ـ خصاما منذ عشرين سنة، وبعضه منذ أربع سنوات وبعضه من قريب، وحينما قابلت أحدهم أعرض عني ولم يسلم علي فلم أهتم لذلك ـ وقد كنت مستعداً للسلام عليه ـ ويشهد الله أنني لا أضمر لهم أي كراهية أو حقد أو شحناء أو بغضاء، بل إنني أدعو لهم بظهرالغيب وقد سامحتهم جميعا، على الرغم من أن كل الأخطاء منهم، فهل أعمالي لا ترفع كل يومي اثنين وخميس؟ أم أنني بسبب عفوي عنهم ترفع أعمالي؟ ويشهد الله أنني قد سامحتهم جميعا.
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد نهى الله عن التدابر والهجران بين المسلمين، فعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونواعباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. رواه مسلم.
وكلما طال الهجر فالإثم أشد، فعن أبي خراش السلمي، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من هجر أخاه سنة، فهو كسفك دمه. رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
كما أن هذه القطيعة تفوت عليك خيراً كثيراً، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تُعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئاً إلا أمرءا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: اتركوا هذين حتى يصطلحا، اتركوا هذين حتى يصطلحا. رواه مسلم.
فالواجب عليك المبادرة بمصالحتهم، وإن أعرضواعنك فأقبل عليهم وابدأهم بالسلام ابتغاء مرضاة الله، فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجرأخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.
فلا يكفي في قطع التهاجرعفوك عنهم، وإنما أقل ما يزول به التهاجر هو السلام، قال ابن حجر: قال أكثر العلماء: تزول الهجرة بمجرد السلام ورده، وقال أحمد: لا يبرأ من الهجرة إلا بعوده إلى الحال التي كان عليها أولاً، وقال أيضاً: ترك الكلام إن كان يؤذيه لم تنقطع الهجرة بالسلام، وكذا قال ابن القاسم. فتح الباري ابن حجر.
واعلم أن العفو عن المسيء سبيل لنيل عفو الله ومغفرته، وهو يزيد المسلم عزاً وكرامة، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً.
والله أعلم.