السؤال
أنا شاب في العشرين من العمر، والداي متوفيان رحمهما الله تعالى، وإخواني متزوجون، وأما أنا فأعيش لوحدي.
إنني أرغب بالزواج رغبة قوية لأنني أعاني من الوحدة وأريد زوجة أسكن إليها وتسكن إلي وتعتني بي وبالمنزل>
أنا مشكلتي أنني أعاني من الوسواس القهري، حيث إنني أحيانا إذا كنت في مجلس مع أهلي أو أقاربي أو أصدقائي أحس بأنني سأصرخ، أو أسأل نفسي، أين أنا جالس، ومن هؤلاء الذين حولي، وعندما أكون جالسا لوحدي تأتيني أفكار غريبة، بالإضافة للذي ذكرت، وهذا الشيء يجعلني في قلق وتوتر في بعض الأحيان.
الطبيب النفسي الذي أتعالج عنده قال لي إن وضعي لا يتعارض مع الزواج، وبأنني سأتحسن أو حتى سأشفى تماما بعد الزواج ـ بإذن الله تعالى ـ .
والذي يؤلمني أيضا أن هذه الأفكار تأتيني عندما كنا نذهب لزيارة أناس بهدف الزواج أثناء الجلوس معهم.
ومشكلتي الأخرى أنني أعاني من ارتفاع الكوليسترول والدهنيات بالإضافة إلى أنه وفي بعض الأحيان يصيبني تسارع بنبضات القلب والطبيب الذي أتعالج عنده قال لي أيضا عندما كنت أسأله إذا كان وضعي الصحي يسمح لي بالزواج ، كان يقول لي إن وضعي لا يتعارض مع الزواج، وقال لي إنه بعد الزواج سوف أتحسن أكثرـ إن شاء الله ـ .
عندي الآن أربعة أسئلة:
هل من الناحية الشرعية يوجد بي عيب يبطل النكاح أو يمنعه؟
في حال أنه لا يوجد بي ما يمنع الزواج شرعا، هل يجب علي أن أخبر الفتاة التي سأتزوجها وأهلها بوضعي؟ فإذا كان جوابكم نعم، فما هي الطريقة والوقت المناسبين لإخبارهم؟
عندما أفكر بموضوع الزواج بشكل جدي ويذهب تفكيري إلى ما بعد الزواج. أشعر بالوهن والرهبة والخوف والقلق والتوتر، حيث تأتيني أفكار بأنه من الممكن بعد الزواج أن تزيد أموري النفسية والصحية سوءا، فهل هذا الشعور وهذه الأفكار في محلها أم لا ؟.
كيف لي أن أعرف إذا كان ما يصيبني سببه سحر أو عين أو حسد؟ مع العلم أنني شاب ملتزم وأتمتع بعلاقات اجتماعية ممتازة.
أفيدوني جزاكم الله خيرا، فإنني في حيرة وضيق كبيرين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله سبحانه أن يعجل لك العافية والشفاء، وأن يرزقك بزوجة صالحة تعينك على طاعته ومرضاته.
وقد سبق أن بينا في الكثير من الفتاوى أن العيب الذي يجب الإخبار به قبل الزواج ويثبت الخيار به للطرف الآخر في حال عدم الإخبار به هو العيب المنفر الذي ينتفي معه مقصود النكاح من المودة والرحمة، قال ابن القيم رحمه الله: والصحيح أن النكاح يفسخ بجميع العيوب كسائر العقود لأن الأصلالسلامة. وكل عيب ينفر الطرف الآخر منه ولا يحصل به مقصود النكاح من المودة والرحمة فإنه يوجب الخيار. انتهى.
ولا شك أن الوسواس إذا استحكم بصاحبه فإنه يعتبر من العيوب المنفرة التي توجب على الشخص الإخبار بها قبل الزواج وتوجب الخيار بعده، جاء في الفروع لابن مفلح: ونقل حنبل: إذا كان به جنون أو وسواس أو تغير في عقل وكان يعبث ويؤذي رأيت أن أفرق بينهما ولا يقيم على هذا. انتهى.
والذي ظهر لنا من سؤالك أن ما تعانيه من أمر الوسواس لم يصل إلى الحد المنفرالذي يلحق صاحبه بحد الخبل والجنون، ولذا فإنه لا مانع من الزواج خصوصا مع نصيحة الأطباء لك بذلك، ولا يلزمك الإخبار بهذا إذا كان الأمر كذلك.
أما إن كان المرض قد جاوز مداه، ووصل إلى حد التنفير، فحينئذ يجب عليك الإخبار به، وينبغي أن يكون هذا عند أول لقاء بينكما، لأن النظر إلى المرأة ومحادثتها حرام في الأصل، وقد رخص فيه لأجل حاجة كل من الزوجين لرؤية صاحبه والتعرف عليه، فإذا كان هناك عيب يغلب على الظن عدم موافقة الطرف الآخر عليه فعند ذلك ينبغي المبادرة إلى الإخبار به، حتى لا يتكرر اللقاء والنظر، ويتعلق كل منهما بصاحبه، ثم يؤول الأمر بعد ذلك إلى الرفض، وهذا فيه ما فيه من الأذى والضرر، فإن وافقت المرأة فلا حرج في إتمام الزواج.
أما التوجس من أن تزداد حالتك سوءا بعد الزواج فهو توجس في غير محله، ولعله أثر من آثار الوساوس. فالواجب عليك أن تصرف هذا عن تفكيرك، وتستعين بالله، وتحسن الظن به سبحانه، فإنه جل وعلا عند ظن عبده به.
وننصحك بالمواظبة على الرقية الشرعية المبنية بالتفصيل في الفتاوى التالية أرقمها: 22104، 4310، 2244، 80694.
ويمكنك عرض الأمر على بعض المختصين في العلاج بالقرآن لمعرفة مدى تسبب السحر أو العين في مثل هذا من عدمه.
والله أعلم.