السؤال
هل يجوز للمتمتع -بعد التحلل من عمرته التي دخل بها- أن يقوم بعمرة أو أكثر في الأيام التي تسبق يوم التروية، أي قبل إحرامه بالحج، بدعوى استغلال تلك الأيام لمزيد من العمرات؟ وإذا كان ذلك جائزا فهل يلزمني عن كل عمرة هدي، لقوله تعالى: فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي؟
وفقكم الله لكل خير، وجزاكم عنا أفضل الجزاء .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا في فتاوى كثيرة أن تكرار العمرة في السفرة الواحدة لا حرج فيه، بل هو مستحب عند كثير من أهل العلم، ولا فرق في ذلك بين من تمتع بالعمرة إلى الحج وغيره.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: لا حرج في ذلك، النبي صلى الله عليه وسلم قال: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. رواه البخاري ومسلم.
إذا عتمر ثلاثا أو أربع مرات فلا حرج في ذلك، فقد اعتمرت عائشة -رضي الله عنها- في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع عمرتين في أقل من عشرين يوما. اهـ. وانظر الفتوى رقم: 56921.
والمتمتع بالعمرة إلى الحج لا يلزمه إلا هدي واحد، سواء أقام حلالا بين العمرة والحج، أو أتى بعمرة أخرى أو أكثر، لأن اسم التمتع صدق عليه بإحرامه بالحج بعد عمرته الأولى في أشهر الحج، فلا أثر لعمرته الثانية في زيادة الهدي، ولا يقول أحد من أهل العلم -فيما نعلم- بأن المتمتع يلزمه أكثر من هدي إذا أتى بأكثر من عمرة.
والذي ننصح به: ألا يأتي المتمتع قبل حجته إلا بعمرة واحدة، لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين أحرموا معه حين حلوا من إحرامهم وأمروا بالتمتع لم ينقل أن أحدا منهم أتى بعمرة ثانية بعد عمرته الأولى، وفي ترك الاعتمار في هذا الوقت مصلحة راجحة، وهي: إفساح المجال لمن لم يعتمر بعد، وتقليل الازدحام في المطاف والمسعى، وعلى المتمتع أن يشتغل بالذكر والصلاة في المسجد فهو أولى، وإن كان الإتيان بعمرة ثانية مستحبا عند كثير من أهل العلم كما قدمنا.
والله أعلم.