السؤال
هل إذا حدثت بما لا أفعل رجاء أن أفعله بكثرة تكلمي فيه أكون من الذين أخبر عنهم جل وعلا أنهم يقولون ما لا يفعلون؟
هل إذا حدثت بما لا أفعل رجاء أن أفعله بكثرة تكلمي فيه أكون من الذين أخبر عنهم جل وعلا أنهم يقولون ما لا يفعلون؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلعل السائل الكريم يسأل عن شخص يعظ الناس ويحدثهم بأمور هو مقصر فيها، لعله أن يلتزم بها بسبب كثرة تكلمه فيها، فهل يكون من الذين قال الله فيهم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ {الصف:2،3}.
والجواب: أن هذه النية في حد ذاتها خير عظيم، وكأنه يقصد أن يذكِّر نفسه ويعظها مع تذكيره للناس ووعظهم، وهذا ينفعه بإذن الله، ولا سيما ونصحه للناس ووعظه إياهم يعتبر من أكبر العون وأنفعه لهم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. رواه مسلم.
لكن هذه النية لا تكفي وحدها، إذا كان يأمر الناس بواجب أو ينهاهم عن محرم، ثم يخالف هو ولا يقوم بالواجب ولا يجتنب المحرم، فهذا مذموم لمخالفة فعله لقوله، بل المتحتم أن يلزم نفسه بما يعلمه من حدود الله تعالى فلا يتعداها، قال السعدي: لم تقولون الخير وتحثون عليه، وربما تمدحتم به وأنتم لا تفعلونه، وتنهون عن الشر وربما نزهتم أنفسكم عنه، وأنتم متلوثون به ومتصفون به. فهل تليق بالمؤمنين هذه الحالة الذميمة؟ أم من أكبر المقت عند الله أن يقول العبد ما لا يفعل؟ ولهذا ينبغي للآمر بالخير أن يكون أول الناس إليه مبادرة، وللناهي عن الشر أن يكون أبعد الناس منه، قال تعالى: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون} وقال شعيب عليه الصلاة والسلام لقومه: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} اهـ.
ومع هذا فلا يسع المسلم أن يترك بذل النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى وإن خالفه هو، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتويين رقم: 18468 ، 9329.
أما إذا كان تذكيره ووعظه في دائرة المستحبات والمكروهات فالأمر فيها أوسع، والتبعة فيها أخف، ونيته السابقة تنفعه دون ضرر بإذن الله. وعلى كل حال فلا يليق ولا يحسن أن يرى المسلم بابا من أبواب الخير أو يعلم فضيلة من الفضائل، ثم لا ينافس فيها، ولا يسعى ليكون أول من يسبق إليها: وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ {المطففين:26}.
ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين: 111852، 57038.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني