السؤال
أنا امرأة متزوجة منذ 6 سنوات ولدي طفل، اكتشفت مؤخراً وبالصدفة أن زوجي على علاقة بأخرى وأنه خانني لكني لم أخبره أنني اكتشفت الأمر، فعلت كل شيء كي أفرق بينهما خصوصاً أني أعرف أنها علاقة عابرة وقد نجحت في ذلك لكنها ما زالت تطارده، لكني لم أعد أثق به، أحب زوجي وهو يريدني إلى جانبه ويقول إنه يحبني وإنه لن يتركني أبداً، ما حكم الشرع فيما فعل، وماذا يمكنني أن أفعل للحفاظ على أسرتي حسب الشرع؟ شكراً مقدماً على ردكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فسواء كان المقصود بقولك إنه على علاقة بأخرى وإنه قد خانك فعل الزنا أو مجرد علاقة، فالواجب عليك مناصحته وتخويفه بالله وبالعقاب الشديد لأن هذا كله محرم وإن كان الزنا أشدها تحريماً، قال تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:32}، فإن استجاب وظهرت منه أمارات التوبة -كما ذكرت- فالحمد لله، والله يقبل توبته كما أخبر في سورة الفرقان: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:68-69-70}.
وإياك ثم إياك أن تعيريه بعد التوبة بذنبه أو أن تظهري له التوجس منه ومن معاملته وعدم الثقة فيه فهذا مما يفسد العلاقات، ويزرع العداوات، فعليك أن تقبلي عذره وأن تنسي أوتتناسي ما كان منه، ومما يعينك على ذلك أن لو تصورت نفسك مكانه ووقعت في الخطأ وندمت عليه ألا تودين مسامحته لك، وتغاضيه عن هفوتك ونسيانه لزلتك، وهكذا تنزلينه منزلة نفسك، ثم إنه ينبغي عليك أن تنظري إلى معاملتك له وما دعاه إلى الوقوع فيما وقع فيه من التطلع إلى غيرك، فلعلك لا تحسنين التبعل والتجمل له، فأحسني في ذلك لتعفيه عن الحرام، وتملئي قلبه بالمعاملة الجميلة، وسمعه بالكلمات الحانية الودودة وبصره بالتجمل وحسن التبعل.
أما بالنسبة لهذه المرأة فيجب على زوجك أن يقطع علاقته بها بكل سبيل وأن يظهر لها من النفرة والبغضاء ما يزجرها عن ملاحقته ومطاردته فإنها لم تفعل ذلك إلا وهي طامعة في استجابته لها، أما إن رأت منه الجد والحزم فيوشك أن تتركه وتذهب لسبيلها.. أما ما تسألين عنه من أسباب الحفاظ على الأسرة فعماد ذلك تقوى الله سبحانه والقيام بأوامره وواجباته والبعد عن معاصيه، فقد تكفل الله للمؤمنين الحافظين لحدوده بالحياة الطيبة المطمئنة في الدنيا قبل الآخرة، فقال سبحانه: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {النحل:97}، وقال سبحانه: قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:123-124}، وكما وعدهم سبحانه أن يدافع عنهم وأن يكفيهم ما أهمهم، وأن يصرف عنهم ما يقلقهم ويحزنهم، فقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ {الحج:38}، وللفائدة في الموضوع تراجع الفتوى رقم: 26233 .
والله أعلم.