الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إخراج الزوجة مبلغا شهريا من المعاش كصدقة جارية على زوجها المتوفى

السؤال

أنا سيدة مسنة وآخذ معاشا لزوجي وقدرة 500 جنيها, هل من الفرض أن أخرج لزوجي من المعاش مبلغا كل شهر. وابني مريض,هل من المستحب أن أخرج من المعاش صدقة جارية على زوجي أم أؤديها لابني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فليس من الفرض أن تخرجي لزوجك مبلغا شهريا، ولكن يبقى أن لهذا الفعل فضيلته ودلالته، فهو من جملة الوفاء للزوج ومراعاة حقه ورد جميله، وهذه كلها معان سامية.

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم بسنته القولية والعملية أن حسن العهد من الإيمان، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ يَقُولُ: "أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ. رواه مسلم.

وقالت أيضا رضي الله عنها: جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أنت ؟ قالت: أنا جثامة المزنية. فقال: بل أنت حسانة المزنية، كيف أنتم ؟ كيف حالكم ؟ كيف كنتم بعدنا ؟ قالت: بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله. فلما خرجت قلت: يا رسول الله تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال؟ فقال: "إنها كانت تأتينا زمن خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان. رواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين (المستدرك) وصححه الألباني (الصحيحة 216).

قال ابن بطال: حسن العهد في هذا الحديث هو إهداء النبي عليه السلام اللحم لأجوار خديجة ومعارفها، رعيًا منه لذمامها وحفظًا لعهدها (شرح صحيح البخاري 9 / 216).

وأما مسألة الصدقة الجارية عن زوجك والتصدق على ابنك المريض فالأولى إعطاء المال لابنك إن كان محتاجا إليه، ويتأكد تقديمه إن كانت نفقته متعينة عليك أو كان له حظ من معاش والده، فينبغي النظر في قانون البلد هل المعاش المذكور خاص بأرملة الميت أم أنه لجميع عياله، فإن كان للجميع فالولد له نصيب منه، وإلا فإن تعينت نفقته على أمه وجب عليها تقديمه، وإن لم تكن متعينة فالصدقة عليه أولى فإنها تكون صدقة وصلة، وقد أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّدَقَةِ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي دِينَارٌ ؟ فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ. قَالَ: عِنْدِي آخَرُ ؟ قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ. قَالَ: عِنْدِي آخَرُ ؟ قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ. قَالَ: عِنْدِي آخَرُ ؟ قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ ؟ قَالَ: عِنْدِي آخَرُ ؟ قَالَ: أَنْتَ أَبْصَرُ. رواه أبو داود والنسائي وأحمد وصححه الألباني (المشكاة 1940).

وقال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ. رواه النسائي والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني (المشكاة 1939).

وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ: أُمَّكَ وَأَبَاكَ وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ رواه النسائي وصححه الألباني (الإرواء 3 / 319).

وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ. رواه مسلم.

ويمكن الجمع بين الأمرين فتتصدقين على ابنك بشيء من المال وتجعلين ثوابه للميت، وراجعي الفتاوى: 297691، 484336، 149011.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني