ظاهرة إخبار الشخص ببعض الأشياء الغيبية وزعمه أنه لا يستعين بالجن
2008-09-12 21:05:58 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
لي أخ أكبر مني سناً، وعندما يأتيه رجل أو صديق يقول له ما به من ضر أو مشكلة في حياته، علماً بأنه لا يستعين لا بجنّ ولا بمثل ذلك، وأحياناً يقول كل شيء بدقة، وأحياناً أخرى لا يستطيع، فماذا يعتبر هذا؟ وقد سبق أن نصحته لكي يبتعد عن هذا، فهل أنا مخطئ؟ وهل أتركه على هذا الحال؟
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Nabil حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يثبتك على الحق وأن يشرح صدرك للإيمان، وأن ينير بصيرتك بالقرآن، وأن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فلا يلزم أن يستعين الإنسان بالجن، بل إن الجن قد يتطوع بنفسه ليخبر الإنسان ببعض الأشياء، وهذا وارد جدّاً، فالإنسان قد لا يكون دجَّالاً ولكن معه قرين من الجن، وهذا القرين يخبره بمثل هذه الأشياء؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: (( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ))[النمل:65]، والنبي عليه الصلاة والسلام أمره ربه بأن يقول: (( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ))[الأعراف:188].
فالنبي عليه الصلاة والسلام ما كان يعلم بواطن الناس إلا بوحي من الله تعالى، ولم يكن لديه قدرة ذاتية على ذلك، والدليل على ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يعرف بأن الشاة التي أكل منها مسمومة إلا عندما نطقت وقالت: (لا تأكلني فإني مسمومة)، وذلك عندما طبخت له يهودية شاة وذهب بعض أصحابه معه فأكلوا منها بما فيهم النبي عليه الصلاة والسلام، ولذلك كان أثر السم يعاوده بين الحين والآخر ولم يعلم أنها مسمومة.
وأما كون أخيك كلما جاءه أحد فإنه يُخبر ما به من ضر أو غير ذلك، فإن هذا يستحيل أن يفعل هذا بقدرته الذاتية، وإنما لابد إما أن يكون مستعيناً بالجن ولم يخبرك بذلك، وإما أن يكون معه قرين هو لم يستعن به، ولكن هذا القرين يقدم له خدمات، فقد يكون الإنسان به مس من الجن وهذا المس من النوع غير المزعج، يعني جن موجود مع إنسان لا يزعجه فلا يسبب له مشاكل، ولكنه يقدم له خدمات يخبره بهذه الأشياء، والجنّ نفسه لا يعلم الغيب وإنما يذهب إلى قرين الإنسان، فعندما يتقابل صديق أو صاحب أو حتى أنت مع غيرك فإن قرينك يتكلم مع قرين صاحبك ويسأله ويستفسر عن أحوالك فيعرف كل شيء عنك من خلال قرينك، فهذا القرين – الجني – الذي مع أخيك يتكلم مع القرين الآخر ويعرف ما بهذا الرجل من ضر أو مشاكل ثم يُخبر بها أخاك، وبالتالي يتكلم أخوك به، وإلا يستحيل أن يعلم إنسان الغيب بهذه الصفة حتى وإن كان من أصلح أهل الأرض؛ لأن الله تبارك وتعالى جعل هذه معجزة للأنبياء، وجعلها كرامة للأولياء.
ويقوم الجن بذلك لغاية وهدف وهي أن يقتنع الناس بأخيك، وقد يصل بهم الحال إلى أن يعبدوه وأن يخافوه كخوفهم من الله تبارك وتعالى، وقد يتحول إلى دجال كبير مع طول الزمن على اعتبار أنه أصبح يعرف أشياء كثيرة، ومن الممكن أن يجني من وراء ذلك مالاً وأن يتحول ذلك إلى مصدر رزق كما يحدث مع بعض الدجالين.
ولذلك عليك أن تنصحه بترك هذا الأمر وعدم مخاطبة الناس وعدم الاستجابة لكلام الجن حتى وإن كان حقّاً؛ لأن هذا الكلام قد يُفسد عليه دينه وقد يُفسد عليه دنياه أيضاً.
وأما كونه لا يستطيع أن يخبر الناس في بعض الأحيان؛ فإن الشخص منا إذا كان متحصناً بالله تبارك وتعالى معتمداً عليه متوكلاً عليه محافظاً على الطاعة والعبادة، خاصة أذكار الصباح والمساء، وقراءة آية الكرسي والوضوء، فإن القرين لا يستطيع أن يتكلم، وقرينه لا يستطيع أن يفضي بأسراره، فعندما يأتي قرين أخيك ليتكلم معه فلا يجد عنده أي معلومات؛ لأن الله تبارك وتعالى يلجمه ببركة هذه الأمور، والدليل على ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام أخبرنا أنه: (من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، في كل يوم مائة مرة كانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي)، فلا يستطيع الجن أن يفعل شيئاً، وكذلك أيضاً البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة لا يقربه الشيطان ثلاث ليالٍ كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام.
فالحالات التي يعجز فيها أخوك فإن هذا الأخ يكون متحصناً، وبذلك لا يستطيع القرين أن يأخذ من قرينه شيئاً، وهنا لا يعرف عنه شيء، فانصح أخاك واعرض أمره على بعض العلماء الثقات عندك من أصحاب المنهج السليم، واطلب منه أن يسأله في حضرتك أو أن تأتي بهم إليه أو أن تنقل له أقوال أهل العلم أو كلامي هذا بأن ذلك يفتح عليه باب فتنة عظيمة، وقد يجعله سبباً في فتنة الناس، وقد تلقى الله على غير الإسلام الحق؛ لأنك أصبحت تدّعي علم الغيب وإن لم تقل ذلك، ولكنك ستُفسد على الناس عقيدتهم ودينهم، فالأولى أن يتوقف نهائياً عن ذلك وأن يتوب إلى الله منه، وأن يسأل الله السلامة والعافية في دينه ودنياه.
وبالله التوفيق.