آداب الدعوة إلى الوليمة وخصوصاً في أوساط الأهل
2024-09-25 01:31:23 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا مغترب، وأهلي يقيمون في بلدي الأم، لدي عمة وحيدة، اقترحت على أختي أن تصطحب والدتنا لزيارة بيت عمتي، وإقامة وليمة هناك، تم التواصل مع عمتي، وتحديد موعد الوليمة.
في اليوم المحدد، سألت أختي عن مجريات الأمور، فأجابت بأنهم قاموا بإرسال الطعام إلى بيت عمتي عبر سائق من المطعم، ولم يحضروا بأنفسهم، مبررين ذلك برغبتهم في إتاحة الراحة لعائلة بيت عمتي، ثم قاموا بزيارتها في المساء كزيارة عائلية.
هذا التصرف أثار غضبي الشديد؛ حيث إننا نحن من دعونا للوليمة، وهناك أصول وآداب يجب الالتزام بها، وهذا السلوك لا يتماشى مع عاداتنا وقيمنا، كما أن عمتي عبرت لي عن انزعاجها من هذا التصرف.
بحثت في الإنترنت عن توجيه واضح لشرح هذه الآداب لأختي، لكنني لم أجد ما يكفي، فأرجو منكم توضيح الآداب والواجبات التي يجب مراعاتها عند الدعوة إلى وليمة، في ثلاث حالات:
1. عندما تقام الوليمة في بيت المضيف.
2. عندما تقام الوليمة في بيت الضيف -طبعاً على حساب المضيف وبحضوره-.
3. عندما تكون الوليمة في مكان عام، كحديقة أو مطعم.
جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أخي الفاضل- في استشارات إسلام ويب.
في البداية: إقامة الولائم ودعوة الأقارب والأرحام إليها من الأمور التي تزيد من روابط الأسر وتماسكها، وتساعد على إزالة ما قد يعلق في النفوس من مشاحنات بسبب الابتعاد لفترات طويلة؛ فلذلك أحسنت في الدعوة إلى هذه الوليمة وجمع أرحامك.
أما بالنسبة للأمر الآخر؛ فإن هناك آداباً عامة بينّها الإسلام، ووردت في حقها نصوص شرعية كثيرة، وهناك آداب خاصة تتعلق بالأعراف المجتمعية التي قد تختلف من مجتمع إلى آخر.
لهذا: لن تجد نصوصًا محددة تنص على هذه الأعراف بشكل دقيق؛ لأنها تختلف حسب العادات والتقاليد في كل بلد، ولكن يمكن التوضيح لأختك جانبًا بما يتعلق بالذوق العام، والعادات المتعارف عليها.
ما دام أن هذه الأعراف لا تخالف الشرع، فهي معتبرة، وغالبًا ما تكون هذه الأعراف متأثرة بآداب الإسلام أو مقتبسة منه، وسنسرد لك بعض الآداب العامة التي حث عليها الإسلام في جانب الضيافة، ويمكن الرجوع إلى كتب الآداب الإسلامية للاستزادة.
من آداب الضيافة في الإسلام ما يلي:
1. النية الصالحة في الضيافة؛ يجب أن يقصد المضيف التماس الأجر بإكرام ضيوفه، وأن ينوي إدخال السرور عليهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ؛ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ) رواه البخاري ومسلم.
2. دعوة الأتقياء وليس الفساق؛ حث الإسلام على دعوة الأتقياء فقط، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤْمِنًا، وَلاَ يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِيٌّ) رواه أبو داود.
3. حسن استقبال الضيف؛ يكون ذلك بالابتسامة والترحيب، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين استقبل وفد عبد القيس وقال: (مَرْحَبًا بِالْوَفْدِ الَّذِينَ جَاءُوا؛ غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ نَدَامَى) رواه البخاري.
4. إجلاس الضيف في مكانٍ لائقٍ؛ يجب أن يختار المضيف مكانًا مريحًا ونظيفًا للضيف ليجلس فيه.
5. المبادرة بتقديم الضيافة؛ ينبغي على المضيف تقديم الشراب والطعام بسرعة دون تأخير، كما فعل إبراهيم عليه السلام مع ضيوفه ( فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ).
6. عدم التكلف فوق طاقته؛ ينبغي ألا يتكلف المضيف في تقديم الضيافة بما يفوق قدرته، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وَلاَ تَكَلَّفْ لِمَا لاَ تَطِيقُ) رواه مسلم.
7. إعطاء الضيف حقه؛ الضيافة ثلاثة أيام بلياليها، وما زاد عن ذلك فهو صدقة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا كَانَ وَرَاءَ ذَلِكَ فَهْوَ صَدَقَةٌ) رواه البخاري ومسلم.
8. خدمة الضيف بنفسه؛ من كمال الإكرام أن يخدم المضيف ضيفه بنفسه، كما فعل إبراهيم عليه السلام: ( فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ ).
9. تجنب إحراج الضيف؛ لا يجوز إحراج الضيف بأي كلمة أو تكليفه بعمل ولو كان خفيفًا، فهذا ليس من كرم الضيافة.
10. إجابة الدعوة؛ يجب على المسلم أن يجيب دعوة أخيه إلا لعذر معتبر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْ) رواه مسلم.
11. تقديم الأكبر ثم الأيمن، يُفضل تقديم الطعام للضيف الأكبر سناً أولًا ثم تقديم الطعام لمن على يمينه.
12. توديع الضيف عند مغادرته؛ من كمال الضيافة مرافقة الضيف إلى الباب وتوديعه بشكل لائق.
13. شكر المضيف والدعاء له؛ ينبغي للضيف أن يشكر المضيف على حسن استضافته، ويدعو له بالبركة والخير.
أخي الفاضل: ما فعلته أختك قد يكون مخالفاً للعادات والتقاليد المتعارف عليها بينكم، ولكن هذه المخالفة لا تستدعي منك الغضب الشديد الذي قد يتسبب في الشحناء وقطيعة الرحم، ولا شك أن هذه الوليمة سنة، فلا تجعل السنة تدفعك لفعل القطيعة والشحناء المحرمة.
اجتهد في توضيح هذه الآداب لأختك بالمعروف والإحسان، وتذكر أن مثل هذه المخالفات قد تكون بسبب الجهل أو العفوية، فليس فيها نص قاطع يلزم الجميع بذوق معين في التعامل، ويمكن تصحيحها دون إفساد العلاقات والأخوة بينكما.
وفقك الله ويسر أمرك.