راعيت ظروف عمل زوجتي لكنها بدأت بالتطاول عليّ، فماذا أفعل؟
2024-09-15 04:17:54 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أعيش في حيرة من أمري.
أنا منذ عدة سنوات أعمل عملاً متواضعًا، لا يكفي قوت أسبوع واحدٍ، وقد رزق الله زوجتي بعمل ممتاز يوازي عشرة أضعاف راتبي، ومنذ سنوات ونحن على هذا الحال. اشترينا منزلاً، وسيارةً، وأمورنا جيدة -والحمد لله-، لكن زوجتي بدأت بالمن علي بذلك، ودائمًا ما تقول: هذا من راتبي، وهذه أموالي، وبدأت تدخل أهلها في شؤوننا الخاصة.
علمًا بأنها منذ أن بدأت بالعمل كانت تضع لهم حصةً من الراتب تساوي تقريبًا 15 بالمئة، ثم أصبحوا يطلبون ويفرضون عليها أكثر من ذلك، وأنا لم أمنعها رغم امتعاضي، ثم بدأت تستكبر عليّ أكثر. وهي كذلك مقصرة جدًا في واجباتها تجاهي، وتجاه البيت، وأولادي، وأنا أعمل معها في شؤون المنزل، وتدبير أموره، من تنظيف، وطبخ، والعمل دائمًا مناصفةً بيننا، ثم بدأت تتعدى عليّ، وترفع صوتها، ووصل الأمر بها أنها تحاول ضربي، مما دفعني لضربها، والآن نحن في شقاق!
فهل كان من حقي أن أمنعها من إعطاء أهلها؟ وهل من حقي أن آخذ من أموالها؟ علمًا بأنها مقصرة جدًا تجاهي كزوج، وأنا قبلت بذلك لأنها تعمل، وأراعي ظروف عملها، وتعبها.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو أُبي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يُديم الألفة والمحبة بينك وبين زوجتك، ويُعينكما على القيام بحقوق بعضكما، والحفاظ على أسرتكما.
وقد أحسنت -أيها الحبيب- حين تعاونت مع زوجتك لِمَا فيه مصلحة أسرتك، وتغاضيت عن بعض حقوقك، وقد أثمر هذا التعاون خيرًا كثيرًا لك ولأسرتك، ونسأل الله أن يُبارك لكم فيما آتاكم، ونوصيك بمزيد من الصبر والاحتساب، وتحمُّل ما قد يأتيك من أخطاء من قِبل زوجتك، وينبغي أن تُقدّر الأحوال والظروف التي تمرُّ بها تحت ضغط عملها، وتعبها، فالتمس لها الأعذار، وتصبّر عليها بقدر استطاعتك؛ ما دام في عملها منفعة لكم جميعًا.
وقد أرشد القرآن الكريم إلى تغاضي أحد الزوجين عن الآخر، وسمَّاه صُلْحًا، وأخبر أنه ذلك خير من خلاف، وفِراقٍ، وغيره، فقال سبحانه وتعالى وهو يتكلّم عن الزوجة حين تجد جفاءً ونشوزًا من زوجها، فقال سبحانه وتعالى: {وإنِ امرأةٌ خافتْ من بَعْلِها نشوزًا أو إعراضًا فلا جناح عليهما أن يُصلحا بينهما صُلْحًا والصُّلح خير}، وقال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- وهو يتحدّث عن المرأة: (المرأة خُلقت من ضلعٍ، ولن تستقيم لك على طريقة) قال العلماء: معناه أنها متقلِّبة الأحوال والمزاج، فتتقلَّب من الشكر إلى الجحود والكفران، ومن الطاعة إلى المعصية، ومن الإحسان إلى الإساءة، فهي لا تستقيم على طريقةٍ واحدة، ومن المؤكد أنك لمست هذا في خُلق زوجتك، فمرَّةً هي مُطيعةً لك، ومرَّةً قد تعصيك، ومرةً أو مرّاتٍ تُحسن إليك، وقد تُسيءُ ... وهكذا.
فهذه الحقيقة لابد أن تكون حاضرةً لديك، واستحضارك لها يُعينك على تحمُّل الحياة بأعبائها.
وأمَّا ما ذكرته من شأن منعك لزوجتك من التصرُّف في أموالها؛ فالأصل أن الزوجة لها ذِمَّة مالية مستقلَّة، وكسبُها لها، كما قال الله عز وجل: {للرجال نصيبٌ ممَّا اكتسبوا، وللنساء نصيبٌ ممَّا اكتسبنَ}. فهي وليَّةُ أمرها بنفسها في أموالها، ما دامت عاقلة، رشيدة، وليس لأحدٍ أن يُجبرها على شيء من التصرف في أموالها، ولا يجوز لأحدٍ أن يأخذ شيئًا من مالها إلَّا بطيبٍ نفسٍ منها، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه)، وقال: (لا يحل مال امرئٍ مسلمٍ إلَّا بطيبٍ من نفسه).
ولكن يمكن التوافق بين الزوجين بأن يتغاضى الزوج، ويسمح بخروجها من البيت، ويتحمّل ما يقع من تقصير في هذا الجانب بسبب خروجها؛ في مقابل أن تُعطيه جزءًا من المال، فإذا توافقا على شيءٍ من ذلك فهذا الصلح جائز، وينبغي أن يكون عن طيب نفسٍ، وبالتعاون، وإدراك أن كل ما تكسبه المرأة، أو ما تكسبه أنت فمصيره إمَّا أن تنتفعوا به، وإمَّا أن تصلوا به رحمًا، وإمَّا أن يبقى لأولادكم من بعدكم.
ولا ينبغي أبدًا أن يضيق صدرُك إذا أعانت المرأة أهلها؛ فإن ذلك من صلة الرحم، وبركة صلة الرحم ستعود عليها وعلى أسرتها، الذين هم أنت، وأبناؤك، وبناتك.
واعلم أن الله تعالى لا يُضيع أجر مَن أحسن عملًا، وأن ذلك يُخلفه الله بخيرٍ ممَّا يذهب، كما وعد بذلك في كتابه العزيز. فلا ينبغي أن يضيق صدرك بذلك، وليس من حقك أن تمنعها من إعطاء أهلها شيئًا من مالها.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير، ويُبارك لكم في أرزاقكم، ويُديم الألفة والمودة بينكم.