منذ صغري وأنا أشعر بالوحدة والاضطهاد، ما نصيحتكم؟
2024-05-22 03:22:38 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أنا فتاة في العشرينات من عمري، أعاني من الوحدة والشعور بالأسف على نفسي، ولدت في بيت لا محبة فيه، ربيت نفسي بنفسي، لا أب لي ولا أخ، ولا أقارب يسألون عن أحوالي.
في صغري احتجت من يمسح على رأسي ويشعرني أنني منه، عانيت الكثير من المشاعر القاتلة وأنا بعمر الطفولة، والآن وأنا بعمر العشرينات تعرضت لموقف مؤلم، تعرضت فيه للظلم والضرب من أحد الأشخاص، ولم أجد من أشتكي إليه سوى الله.
اتصلت بأحد أفراد عائلتي ولم يكترث للأمر، وكان جوابه أن لا أكبر الموضوع، وأنا إلى الآن قلبي يؤلمني، وكل ليلة أبكي بسبب أني شخص ضعيف لا أستطيع فعل شيء.
أنا مستسلمة لواقعي، خلقني الله لأعيش وحيدة لا سند لي، ولم أشعر يوماً أني محبوبة أو أنني أملك عائلة، لم أشعر بشعور أن أكون ابنة مدللة، كل ما شعرت به هو الخوف، والأصعب من ذلك لم أظهر هذا الشيء، وكل من يراني يظنني سعيدة في حياتي، بسبب عدم إظهار مشاعري للناس؛ لأني لا أريد أن يشفقوا على حالتي.
منذ صغري تعلمت أن أكتم في قلبي، وأتصنع القوة، والآن أنا لست سوى طفلة داخل جسم امرأة، وفي فترة مراهقتي كنت أفكر في الانتحار، وقلت في نفسي لأن أحاسب بيد الله أفضل من العيش وسط أناس لا يرحمون، ومع الوقت أدركت أني أستطيع أن أتحمل أكثر مما تحملت، لكن لا حول لي ولا قوة، فأنا مخلوق ضعيف، ولم أجد سبيلاً للفرار من قراري سوى اللجوء لمزيد من الكتم والبكاء وحيدة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ لميس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك الصحة والعافية.
أولًا: الحمد لله على أنك ما زلت بخير، وأن ما مررت به من صعاب قد أصبح ماضيًا، وأنك الآن على قدر من تحمُّل المسؤولية، وعلى درجة من الثبات لمواجهة الصعاب.
ثانيًا: قد ينشأ الإنسان في بيئة اجتماعية جافّة عاطفيًا، ويفقد فيها الحنان والعطف، وهذا يُعتبر نوعًا من الفقدان الذي يؤدي بدوره إلى الشعور بالكآبة والتفكير في الأفكار الانتحارية نتيجة هذه العزلة، والحمد لله أنك تخطيت هذه المرحلة.
ثالثًا: الآن أنت في مرحلة تُمكّنك من إيجاد البدائل التي تعوضك كل ما فقدته من حنان وعطف، وذلك باختيار أناس يتمتعون بهذه الصفات، وأولهم الصديقات أو الزميلات ممَّن تثقين فيهنَّ، من المؤمنات الطيبات، سواء على المستوى الواقعي المعاش، أو الواقع الافتراضي عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.
الجانب الآخر هو التفكير في الزواج الذي فيه المودة والرحمة والسكينة، وهذا ليس مستحيلًا، فما عليك إلَّا بالدعاء، أن يرزقك الله تعالى الزوج الصالح الذي يُسعدك في الدنيا، ويُعينك على دينك.
رابعًا: نريدك أن تخرجي من نفق التفكير المظلم، والنظر إلى الحياة بإيجابية، وإرسال رسائل إلى نفسك بصورة دائمة؛ بأن التغيير ممكن، وأن الحال يمكن أن يُصبح أحسن حال -بحول الله وقوته-، وأن تكون لديك آمال وطموحات وأهداف حياتية واضحة يمكن تحقيقها، ونسيان الماضي وما فيه من آلام وجراحات، والاستمتاع بالحاضر، والتطلُّع إلى المستقبل بروح التفاؤل.
اعلمي تمامًا أن الأرزاق بيد الله، ولا تيأسي، فمن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب، وليكن أنيسك هو القرآن الكريم، ومدارسة السُّنّة المطهرة، والاقتداء بسيرة سيد المرسلين وخاتم النبيين، وسيرة زوجاته أُمّهات المؤمنين، والصحابيات الفضليات، فكلّ ذلك - إن شاء الله - من شأنه أن يُؤدي إلى المؤانسة وإلى ارتوائك عاطفيًا.
إذا شعرت بأن الأمور صعب التغلُّب عليها أو لم تستطيعي الخروج من هذه الحالة النفسية التي أنت فيها؛ فنُرشدك بمقابلة المختصين في الصحة النفسية، فربما يحتاج الأمر إلى بعض العقاقير النفسية التي يمكن أن تُساعدك في الخروج من هذه الحالة، والاستمتاع بالحياة بصورة أفضل.
وبالله التوفيق.