توجيه لمطلق في حياة زوجية بائسة بعد مسيرة حب عنيف
2006-05-16 13:15:13 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
منذ 20 عاماً التقينا على مدرجات الجامعة، ولم أكن ملتزماً، وهي كذلك، وتطورت العلاقة بسرعة، ورفض أهلي زواجي بها، ورفض أهلها زواجها مني، وبإصرار ومعارك تزوجنا بعد حبٍ عنيف، وهربنا بحبنا إلى بلدٍ عربي آخر لا عمل لنا فيه ولا مسكن، وأقمنا بكوخٍ بائس، ورزقنا الله طفلين وعملاً جيداً، وانتقلنا من هذا البلد إلى بلدٍ آخر، لكن زوجتي بدأت تُشاكس وتعارض، وتُبدي عدم الرضا والتأفف حتى من حبنا القديم، وراحت تشتم بكلماتٍ يخجل اللصوص من ذكرها، وتسهر مع الساهرات من صديقاتها سهرات المجون، وتطلب الطلاق ليلاً ونهاراً، ثم تعود طبيعية فترةً ما لتعاود ما كانت عليه، واستمرت حياتنا بشكل بغيض تخلله الضرب والشتم والنفور، واستعلت علي، وباتت تظهر نفسها على أنها الملكة التي تنفق على البيت، علماً بأن راتبي 3 أضعاف راتبها، وأنفقه كاملاً عليها وعلى أطفالها، واستمر وضعنا على هذا الحال البغيض خمس سنوات.
وأنار الله قلبي بالإسلام فبدأت أصلي وأنصحها بأن تحتشم وتتقي الله، فقد كبر الأولاد وأصبحوا مُراهقين، لكنها تزداد فجوراً وسفوراً، لا، بل بدأت تُسافر لأوروبا دون موافقتي، ثم قررت الخروج من المنزل تاركة كل شيء حتى أطلقها، وذهبت لأطلقها فراوغت وماطلت مرة ومرتين، وكثر غيابها وكلام الناس الجارح، ثم فوجئت برفعها دعوى خلع بالمحكمة، فلم أذهب، بل اتصلت بها وذهبنا إلى المحكمة وأنجزنا مخالعة فورية، وذهبت لبيتها وأولادها وعدت إلى عملي وقد انفطر قلبي على فشل أسمى مشروع في حياتي، وقلقي على أولادي الرائعين، وخاصة ابنتي، والتي أخشى أن تتخذ من أمها قدوة في كل شيء.
إنني في عذاب عظيم ولا أعرف ماذا أفعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فهنيئاً لك بسيرك في طريق التوبة، ومرحباً بك في موقعك وبين آبائك وإخوانك، ونسأل الله أن يقبل توبتك، وأن يرد تلك المرأة إلى صوابها، ولا شك أن المقدمات الخاطئة توصل إلى نهايات فاسدة، كما أن البعد عن الأهل والتمرد على الآداب الشرعية والعادات المرعية لا يجلب إلا مزيد التفلت من القيم والآداب، وهذا هو الذي حصل، فلم يكن عجيباً أن تكون نهاية الفتاة التي عاندت الجميع أن تجد نفسها في طريق الغواية والضلال، ولا شك أن شعور الإنسان أنه مقطوع من شجرة، وأنه في بلد لا يعرف فيه ينزع من عناصر الحياء والخير، و(إذا لم تستح فاصنع ما شئت).
فاتق الله في نفسك، وابدأ الحياة بأمل جديد، وبتصميم على طاعة الله المجيد، واعلم أن الله تبارك وتعالى غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى، وأرجو أن تجتهد في إيصال الهداية لأولادك، وخاصة ابنتك التي تشفق عليها، فإنهم أولادك، ويهمك صلاحهم، ويسعدك فلاحهم.
وأرجو أن تؤسس حياة جديدة على تقوى من الله ورضوان، وسوف يعوضك الله إذا صدقت في نيتك، واجتهد في عمل الحسنات الماحية، فإن الله تبارك وتعالى يقول: (( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ))[هود:114].
ونحن نتمنى أن تستفيد من تلك التجربة القاسية، وتعتبرها في أيامك المقبلة، فإن المؤمن لا يلدغ من الجحر الواحد مرتين، واجتهد في الدعاء لزوجتك السابقة وأولادك، واعلم أن في هدايتها عوناً على صلاح أولادك، ولا تقصر في الإحسان إلى أولادك حتى تتمكن من جذبهم إلى طريق الصالحين، وقد أحسن من قال:
أحسن إلى الناس تستعطف قلوبهم فطالما استعطف الإحسان إنسان
واعلم أن صدق توبتك وإخلاص نيتك هي أفضل ما يعينك على الثبات، وحاول التخلص من آثار الماضي وذكرياته، وجدد توبتك إذا تذكرت تلك الأيام، ولا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء الله فعل، وانظر إلى المستقبل وكلك ثقة في الله العظيم، واعلم أن للحسنة ضياء في الوجه، وسعة في الرزق، وانشراحاً في الصدر، وأن من أتى الله يمشي أتاه العظيم هرولة، فتقدم في طريق الفضائل، وأبشر بغفران ذنوبك الأواخر والأوائل، واعلم أنه لن يحول بينك وبين رحمته حائل.
نسأل الله أن يردكم جميعاً إلى صوابكم.