تعنيف زوجي لي ولأبنائي لم يبق معه إلا أبغض الحلال!
2023-10-08 23:59:08 | إسلام ويب
السؤال:
عمري 50 سنةً، متزوجةٌ منذ 26 سنةً، أم ل 5 ذكور -أكبرهم 24 سنةً، وأصغرهم 05 سنوات- عاملة بمؤسسة عمومية، أما الزوج فهو عاطلٌ عن العمل رسمياً منذ 20 سنةً، أي أنه يقوم ببعض الأعمال الحرة من بيع وشراء، كان يعنفني منذ زواجي (ضرب وشتم لأتفه الأسباب) بوجود مشاكل مادية واجتماعية (توقفه عن الشغل...إلخ).
مشكلتي أنه من خلال تجاوزات يقوم بها أبناؤه الشباب أصبح يعنفهم بالضرب المبرح على الوجه باستعمال الحزام الجلدي، والشتم والصراخ، وحتى الكلام المبرح؛ مما يجلب انتباه الجيران وأصحاب الحي، ويضعنا في موقف حرج جداً، علماً أنني كنت دائماً أتستر على تصرفاته خوفاً من توتر علاقته مع عائلتي، وحفاظاً على علاقتنا، وكذا سمعتنا.
أخاف من انعكاس تصرفاته على أولادي -قرة عيني- الذين هم شبابٌ ومراهقون، ويحتاجون كل الرعاية والتوازن، كما أنني أعاني من اضطرابات جسدية ونفسية (القولون العصبي، نوبات الهلع، أرق، الصداع المستمر... إلخ) لا وجود لأمان مادي أو معنوي مع هذا الزوج، بالرغم أنه قائمٌ على العبادات بكثير من الاجتهاد (معتمر، محافظ على الصلوات في المسجد... إلخ).
حاولت إيجاد حلولٍ معه تكراراً ومراراً (استعملت أسلوب الحوار، التخويف من ترك البيت..إلخ) لم يتبق إلا أبغض الحلال إلى الله، فما هو رأي الدين في ذلك؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مهدية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يكرمك وأن يقر عينك بأولادك، وأن يجعلهم من الصالحين المصلحين إنه جواد كريم.
أختنا الفاضلة: إننا نتفهم حديثك وندرك معاناتك وقلقلك، ونعلم أن الخوف من الغد هو ما اضطرك للتفكير في أبغض الحلال، لكننا -أختنا- لسنا معك في هذا القرار، ولا نراه مناسباً، بل نرى أن مأمولك في الحفاظ على الأولاد -خاصة في مثل هذا السن- يجب أن يدفعك إلى المحافظة على بقاء البيت ولو مع هذه المشاكل التي تحدثت عنها، وذلك لعدة أسباب:
1- المراهقة لها تقلبات مزرية، والأولاد وإن كانوا على صلاح وخير إلا أن التقلبات لا يؤمن جانبها، وجود الأب فقط دعمٌ اجتماعيٌ ونفسيٌ، وحاجزٌ بينهم وبين الانحراف لا قدر الله.
2- الأبناء عندك أعمارهم مختلفة، وهذا يعني أن السنوات الخمس القادمة ستحتاج إلى عناية ورعاية أكثر، والمرأة وحدها لا تستطيع أن تفي بهذه المتطلبات.
3- الطلاق أو مجرد التفكير العلني سيحدث صدمةً نفسيةً عميقةً في نفوس أبنائك؛ مما قد تجعلهم عرضةً لذئاب الطرق وما أكثرهم.
أختنا الفاضلة: قد ذكرت عن زوجك أموراً إيجابيةً، من صلاح دينه، ومحافظته على الصلاة والتعبد، وهذه أمور جيدة ينبغي أستثمارها جيداً، ونحن هنا نضع لك عدة نصائح:
أولاً: طرح فكرة الطلاق من تفكيرك اليوم؛ لأن وجودها سيحول دون أي تقدم ولو بسيط، وسيورثك الوهن وعدم التحمل حتى في أهون الأمور.
ثانياً: زوجك اليوم قد يكون في الستين أو قريباً منها، وهذا يعني أنه في مرحلة الضعف أو مقبلٌ عليها، وهذه المرحلة تحتاج منه أن يصاحب أولاده ليكونوا له عوناً وسنداً، وهذا يمكن تحقيقه بعدة أمور:
- الاجتهاد في إيقاظ الإيمان المخدر في نفوس الأبناء عن طريق حديثك معهم أو عن طريق صالح أصحابهم أو عن طريق بعض أخوالهم أو أعمامهم الصالحين، المهم أن يكون هناك طرف أو أكثر يحاولون إصلاح الأولاد.
- الحديث مع الزوج عن طريق من يحبهم من أهله أو من أصحابه أو من خلال شيخ المسجد عن ضرورة مصاحبة الأولاد، وخطورة التعامل معهم بالعنف خاصة في مثل هذا السن.
- الابتعاد قدر الطاقة عن إثارة حفيظة الزوج أو فعل ما يغضبه، مع محاولة التقرب منه أكثر، والتودد إليه أكثر.
- محاولة تحبيب الأولاد في أبيهم، مع تعليمهم ضرورة الإحسان إليه، فإنه متى ما أحس بحب أولاده واجتهادهم في إرضائه فإن هذا سينعكس إيجاباً عليه.
أختنا الفاضلة: الابن الأكبر اليوم أصبح شاباً يستطيع أن يتكسب ويعمل، اجتهدي في دفعه إلى سوق العمل ليكون عوناً لكم، واجتهدي أن تعملي على إصلاح بيتك والمحافظة عليه، ونحن نعلم أن هذا سيشكل عبئاً عليك بجوار ما عندك من أعباء، وما لديك من أمراض -نسأل الله أن يعافيك وأن يشفيك- لكن إبقاء البيت مع هذا الألم أرحم من هدمه وتحمل تبعاته وحدك.
وأخيراً: أكثري من دعاء الله أن يهدي زوجك، وأن يصلحه، وأن يوفقه للخير، وأن يصرف عنه شر كل ذي شر، والله يصلحه يا رب.