زوجي مدمن على الحشيش ولا يرد الاعتراف بذلك، فما الحل؟
2023-07-23 01:22:00 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أستاذي الفاضل: عيدكم مبارك، أنت وجميع الأمة الاسلامية.
عمري 26 سنة، جامعية، متحصلة على شهادة الماجستير، متزوجة منذ 3 سنوات ونصف، وعندي طفل ذو عامين، وأسكن مع أهل زوجي (أمه وأبيه)، ولا أعمل.
عندي حرفة الخياطة تعلمتها، زوجي إنسان مدمن مخدرات (حشيش)، عمره 37 سنة، هو مدمن من قبل أن أتزوج به، ولكن لم أكن على علم، بعد الزواج اكتشفت أموراً كانت مخفية قبل الزواج!
صبرت عليه قلت لعل وعسى أن يهديه الله، لكن الأمور تسير للأسوأ، مع العلم أنه إنسان موظف وبصحة جيدة، وقد أنعم الله عليه بنعم قيمة لا تعد ولا تحصى، ليس له دوافع تدفعه أن يكون إنساناً مدمناً.
هذا الإنسان مرات يخاصمني بالشهر بدون سبب، لا يكلمني، ولا ينام معي، يا شيخ أنا في حيرة جداً كبيرة، أرشدوني من فضلكم، كيف يجب علي أن أتصرف، أنا ضحية هذا الإنسان، وهو أصلاً ضحية نفسه، لا أريد أن أكمل بقية حياتي إنسانة تعيسة، ومستاءة، ولا أريد أن يكون لابني أب سيء، ولا أريد الطلاق، انصحوني من فضلكم.
والمشكلة الأكبر أنه لا يريد أن يعترف بأنه مدمن، بالرغم من أني وجدت عنده دلائل ومحادثات بين أصحابه لكنه لم يعترف، قال لي: أنت مريضة وعندك وسواس قهري ولست زوجة صالحة، يريد أن يشككني بنفسي، يا شيخي الفاضل أنا حالياً جداً منهارة وفي حالة اكتئاب! هذا الزوج الذي من المفروض أن يكون سندي في الحياة، وشريك حياتي، وأب أولادي، والداعم الأول لي، هو من يهاجمني ويعكر مزاجي! ولعلمكم زوجي عنده أصدقاء، وكل أصدقائه يتعاطون الحشيش!
من فضلكم -يا شيخ- وجهوني، أنا محتارة جداً، هل أكمل معه حياتي أم أنفصل عنه؟ أنا أريد أن أطور من نفسي، أعمل مشروعاً، أريد أن أربي ابني تربية حسنة ويكون ولداً صالحاً، لا أريد أن يكون هذا الإنسان عائقاً لي في حياتي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يهدي زوجك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو، وأن يصرف عنه المخدرات وسيء الأعمال، فإنه لا يصرف سيئها إلَّا هو.
لا شك أن فكرة السؤال رائعة، ونحن لا نُؤيّد الاستعجال في الطلاق، ولكن نريد قبل ذلك أن يكون لك مشروع في الإصلاح، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يُبشّرنا ويُبشّرُك بقوله: (لَئنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ)، فكيف إذا كان الرجل هو زوجك، ووالد هذا الطفل الذي تريدين أن ينشأ نشأة سويّة، والنشأة السوية تتطلب وجود أب وأم، تتطلب استقامة الأسرة، وهذا ما ينبغي أن تجعليه هدفًا، وأعتقد أن وجود الطفل في هذا العمر الصغير يُتيح لك فرصة السعي في الإصلاح، قبل أن تظهر العلامات التي لا تريدين ظهورها أمام هذا الطفل الصغير.
ونتمنَّى أن يكون لأهلك ولأهله العقلاء الفضلاء دورٌ في الإصلاح والتصحيح، وكنَّا نتمنّى أن تذكري الإيجابيات الموجودة في شخصية هذا الرجل، بل تتخذيها مدخلاً إلى نُصحه وإرشاده، فلا شك أن مسألة المخدرات من الكبائر، من الأمور الخطيرة جدًّا، ولكن لا بد أن تكون هناك إيجابيات هي التي جعلتك تقبلين به، وجعلتك تستمرين معه، وكنَّا نريد أن نرى الصورة كاملة.
وعلى كل حال؛ فإن أي إنسان عندما نريد أن ننصحه ينبغي أن نُشيد بالجوانب الإيجابية التي فيه، الحسنات التي عنده، ثم نتخذ هذه الإشادة مدخلاً إلى قلبه، نوجّه له النصح بعد ذلك، واقبلي منه إحسانه.
وأنت لست بحاجة إلى التحقيق والتدقيق، إذا ثبت لك وجود هذا المرض فينبغي أن يكون السعي لعلاجه، ليست المناقشة وليس النبش والتفتيش، والأمور التي تجلب الخصام وتُعكّر صفو هذه الحياة.
ولعلّك تتفقين معنا أن لحظات الخصام والشجار بينكم تُعينه على الانحراف والانجراف أكثر، كما أن لحظات الوفاق والاهتمام به والقيام بما عليك وتضخيم الإيجابيات التي عنده؛ تُقرّبه أكثر، وتُعينك على إيصال النصيحة له بأحسن طريقة وبأحسن أسلوب وبأحسن الألفاظ وفي أحسن الأوقات.
هذه الأمور أرجو أن تهتمّي بها، وننتظر منك مزيدًا من التوضيحات فيما يتعلق بالإيجابيات، وفيما يتعلق بنقاط القوة التي يمكن أن تدخلي بها، دور أهلك وأهله، البدائل المتاحة أمامك، اهتمام هذا الرجل بطفله من عدم الاهتمام، لأن هذه الأمور تعطينا الصورة كاملة.
ونكرر دعوتنا لك بالاستمرار في دعوته إلى الله تبارك وتعالى، ومن أحسن وسائل الدعوة له أن تقومي بما عليك كزوجة ناجحة، فإن الرجل إذا وجد زوجته المتدينة ناجحة، تهتمّ به، تقوم بما عليها؛ هذا يُعينه على حب الدّين وأهله، ويُعينه على سماع الكلام والحرص على التمسُّك بالحياة، وهذا مدخل إلى إصلاحه.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يهديه، واجعلي بيتك جاذبًا، حتى تُقلّلي فرص وجوده مع الأصدقاء، وذكّريه بالنجاحات التي عنده ونعم الله تبارك وتعالى عليه، وإذا كان هو يُنكر هذا الأمر فهذا أيضًا مؤشّرٌ جيد؛ لأن الذي يُنكر الشيء يُدرك أن هذا الشيء قبيح، وأنه مرفوض، ولذلك يُنكره. ليس معنى ذلك أننا نُصدقه، لكن هذا يُعطينا أملاً في أن هذه الأمور يمكن أن تأخذ مسارًا آخر في الإصلاح والسعي إلى الخير.
فاستمري في الدعاء له، والدعاء لنفسك، والعناية بطفلك، وإعانته على الخير، والاجتهاد في جلبه إلى البيت، فاجعلي بيتك جاذبًا وثغرك باسمًا واهتمّي به، وحمّليه المسؤولية تجاه هذا الطفل الصغير، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقرَّ أعيننا وأعينكم بصلاحه وهدايته.
والله الموفق.