تحديات تواجه الآباء والأمهات في بلاد الغرب، ما نصيحتكم؟
2022-10-24 02:07:40 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه أول مرة أبعث فيها سؤالاً لموقعكم، فالحمد لله ما وقفت على سؤال إلا وجدت من سبقني به، فبارك الله في الجميع، لكن هذه المرة سؤالي أراه أصبح من النوازل، فأرجو منكم جواباً يشفي الغليل، فإن خلفي شريحة كبيرة من الناس تنتظر توجيهاً في هذا الموضوع.
نواجه في عصرنا الحالي تحديات جديدة لم يعرفها مَن سبقنا، ولا تعرفها البلدان المسلمة، منها شيوع المثلية باسم الحرية، ومنها تدخل السلطات بين الآباء والأولاد، زيادة على التضييق الذي نعرفه في المساجد والمدارس التي تقوم عليها الجمعيات المسلمة في هذه البلاد.
أصبح الآباء ليس فقط بين نارين، وإنما صاروا محاطين بالنيران من كل ناحية، فبين إمّعة تارك لهويته بالمرة، مسلّماً مهمة تربية أولاده إلى الحكومة ومدارسها وشوارعها، وبين جاهل لما يحصل حوله وتغير الزمان والمكان فهو تائه، وأولاده (في حال تشبث غريق بغريق)، وبين أب مسلم حريص على الفطرة السليمة، لكن لا يحسن فن المداراة أو المداهنة، فهو على شفا حافة قعرها هو انتشال أولاده منه من بيته باسم القانون، وبين واعٍ بخطورة الموضوع -وليتها الفئة الأكثر عدداً- فهو يحارب التيار بدبلوماسية وحذر محتمٍ بمظلة نقابة أو جمعية... ناهيك عن الذي أصلاً لا دين له ولا هم ولا غيرة، وهؤلاء هم الطامة الكبرى، لأنهم يصفقون لهذه البلاد فقط، لأنها منحتهم الإقامة، وساخطون على موطنهم الأصلي وعلى الإسلام وأهله.
حتى التوعية أصبحت مهمة صعبة؛ لأنه خطاب ضد التيار الحالي، ويضع الخطيب تحت المجهر.
بماذا توصون؟ فإننا والله حائرون.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يونس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أستاذنا الكريم- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص، ونحيي هذا السؤال الرائع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُثبتنا وإياكم، وأن ينفع بكم بلاده والعباد.
لا شك أن التحدّيات كبيرة عليكم وعلينا، فقد أصبح العالَم شاشة واحدة، وهذه الشاشة مليئة بالشر، نسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم التوفيق والثبات، ولكن بمثل هذا الوعي وبمثل هذا الحرص –بعد توفيق الله تبارك وتعالى– تكون النجاة والنجاح، ونحن نحب أن نؤكد أن الوالد والوالدة هم أصحاب التأثير الأكبر، خاصة إذا كان عندهم هذا الهم، فالخطاب الأول سنبدأ به مع المهمومين الذين يحملون همّ دينهم وعقيدتهم، ويهتمُّون بتربية أبنائهم، لأنهم يُدركون أن هؤلاء الأبناء امتداد لعملهم الصالح، ويُدركون من الناحية الثانية أن الله سائلٌ كلَّ راعٍ فيما استرعى حفظَ أم ضيّع، حتى إن الرجل ليُسأل عن أهل بيته.
نحب أن نؤكد رغم كيد الكائدين ورغم النيران التي تُحيطُ من كل جانب، فالقابض على دينه كالقابض على الجمر، لكن هذا لا يعني أن الإنسان لن ينجح في هذه الرسالة وفي هذا الدور، ولذلك ندعوكم إلى ما يلي:
أولاً: التوجُّه إلى الله تبارك وتعالى وسؤاله الثبات، فإن الأمر لله من قبل ومن بعد.
الأمر الثاني: الحرص على البناء المبكّر، البناء الإيماني للأطفال في الصِّغر، فإن الإيمان للإنسان كالمناعة للأبدان، ولا يستطيع الأشقياء أن يقهروا مَن تربَّى على قاعدة الإيمان، لأن الإيمان المبكّر مثل التحصين الذي يمنع من نزول الأمراض بالإنسان إذا أخذ التحصينات الأولى.
الأمر الثالث وهو: ضرورة أن تُحسنوا التواصل مع الأبناء، والاهتمام بهم، ومشاركتهم في لعبهم؛ لأن الطفل يمكن أن يترك كل شيءٍ جميل في هذه الحياة إذا وجد الأجمل، والأجمل عند الأطفال هم الآباء والأمهات المتفاعلون، الحريصون على الاهتمام بهم، والتواصل الجسدي معهم، وملاطفتهم، ومشاركتهم ألعابهم وهمومهم، وهذه الرسالة مهمّة، لأن هذا هو الذي يكسب الجولة.
رابعًا: لا بد من بناء قناعاتٍ إيجابية بلطف، وإدارة حوار مع الأبناء لترسيخ القناعات، حتى يستطيعوا أن يُواجهوا بأنفسهم، ويستطيعوا أن يصمدوا أمام الإغراءات وأمام التهديدات إنْ حصل تهديد بعد ذلك.
من المهم جدًّا أيضًا أن تضعوا يدكم في يد الجمعيات التي أشرتم إليهم، وتشكروا لهم جُهدهم، وتُبيّنوا لهم سماحة هذا الإسلام، وأنكم أيضًا لا تُريدون إلَّا الخير لهم ولبلادهم ولأبنائهم ولأبنائكم، فهذه رسالة المسلم الذي بُعث رحمة وهداية للعالمين.
أمَّا مَن حولكم ممَّن أهمل أولاده، ممَّن صفّق لهؤلاء، ممَّن لا يُبالي بدينه؛ فهؤلاء أيضًا أرجو أن تجعلوهم هدفًا لنصحكم، وليس من الضروري أن يكون النصح جهرًا، ولا بد أن يكون الناصح أو الخطيب يُراعي أيضًا الضوابط الموجودة، فلا يُثير على نفسه الغبار والمشاكل، لأن هؤلاء يبحثون عن سبب من أجل أن يُضيّقوا على أهل الإيمان وعلى أهل التوحيد.
أرجو أن تعلموا أن دين الله تبارك وتعالى له ربٌّ يحميه، وأن علينا أن نبذل الأسباب ثم نتوكل على الكريم الوهاب سبحانه وتعالى، الكريم الوهّاب العظيم، الذي أخرج موسى من بيئة فرعون ومن بيت فرعون، والذي أخرج الصحابي عبد الله من عبد الله بن أبي سلول، من صُلب أبيه ذلك المنافق الكبير، والذي أخرج عكرمة من أبي جهل؛ لأن الله تبارك وتعالى بيده ملكوت كل شيء.
إذًا علينا فعل الأسباب ثم التوكل على الكريم الوهاب، وعلينا أن نعرف دهرنا وعصرنا وأسلوب دعوتنا والبيئة التي نعمل فيها، وكلُّ ذلك يطلب مِنَّا مجهوداتٍ ويطلب منكم أيضًا مزيداً من التواصل ومزيداً من العرض للتحدّيات، حتى نتعاون جميعًا في تجاوزها، ونحن مرة أخرى نحيّي هذه الرغبة في الخير، ونحيي الرغبة في إبلاغ هذه الكلمات لمن ورائكم، وهذه هي رسالة المسلم، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.
ننتظر منكم تفاصيل أكثر للتحدّيات، حتى نحلُّها مع بعضنا ونكون متعاونين، ومستعينين بالله تبارك وتعالى، ونسأل الله لنا ولكم الهداية والثبات.