الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فادي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.
أخي: هكذا تكون الوساوس، الوساوس ذكيّة جدًّا، تتحايل على الناس، تغلق أنت أمامها بابًا تفتحُ لك بابًا آخر، تنتقل إلى غيرها إذا استرسلت فيها، ولكنّ الإنسان يستطيع أن يتغلّب عليها، فالمؤمن كيسٌ فطن.
وساوسك معظمها وساوس أفكار، والوسواس أخي الكريم -كما يُعرّف-: هي فكرة سخيفة، تفرض نفسها على الإنسان، تُؤلمه، يُحاول التخلص منها، لكنّه يجد صعوبة في ذلك، وعلماؤنا الأفاضل أفتوا بأن صاحب الوساوس هو من أصحاب الأعذار.
فيا -أخي الكريم-: كل الأسئلة التي طرحتها والتي تأتيك والتي طرأت عليك إجابتها واضحة جدًّا، وهي أنها أفكارٌ وسواسية لا يُعتدُّ بها، وليس لها أي قيمة شرعية، وأنصحك حقيقة ألَّا تخوض في هذه الفتاوى وتتنقّل من فتوى إلى فتوى، هذا -يا أخي- قد يُؤصّل الوسواس في بعض الأحيان، وقد يزيد من إلحاحه واستحواذه، فأرجو أن تنتهي عن ذلك، ولا تتنقّل بين الفتاوى، هذه نصيحتي لك.
ومن الواضح أنك -ما شاء الله تبارك الله- رجل ملتزم بدينك، فاحرص على أداء عباداتك، وعش الحياة بفكرٍ إيجابي، بعيدًا عن الوسواس.
هنالك ثلاث تمرينات سلوكية يمكنك أن تُطبّقها على هذه الوساوس:
أولاً: قم بكتابة هذه الوساوس، ابدأ بأقلَّها شدة وحِدّة، وانته بأشدِّها.
ثانيًا: طبّق التمرين الأول السلوكي على كل فكرة.
ثالثًا: التمرين الأول يُسمَّى (إيقاف الأفكار) وهو: أن تُخاطب الفكرة مباشرة قائلاً: (أقف، أقف، أقف، أنت فكرة حقيرة)، تُكرّر هذه المقولة، وكأن الفكرة تقف أمامك، كرر هذه المقولة حتى تحسّ بالإجهاد أو لمدة دقيقتين.
رابعًا: انتقل إلى التمرين الثاني وهو تمرين (صرف الانتباه)، وهذا تمرين بسيط جدًّا. بدل الفكرة الوسواسية أريدك أن تنتقل من هذه الفكرة إلى فكرة أفضل منها، فكرة أكثر نفعًا، مثلاً: تأمّل في التنفّس لديك، كيف أن الأكسجين يدخل الجسد وينتقل عن طريق الدم، وما هو فوائده، وما هي أعضاء التنفس وهكذا، ثم قم بعد ذلك بعدِّ التنفُّس لديك لمدة دقيقتين مثلاً، وتأمّل في خلق الله العظيم: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب}، الذين يُعملون عقولهم ويتفكرون ويذكرون الله تعالى. هذه الفكرة سوف تعلوا على الفكرة الوسواسية، وبالتالي سوف تضعف الفكرة الوسواسية وتتلاشى -بإذن الله تعالى-.
خامسًا: ثم انتقل إلى التمرين الثالث، وهو تمرين (التنفير)، وهو تمرين جيد جدًّا، ومن خلاله تربط الفكرة الوسواسية بعملٍ أو فعلٍ أو شعورٍ مُنفّرٍ لها، مثلاً: أن تقوم بالضرب على يدك بقوة وشدة شديدة حتى تحسّ بالألم، وفي ذات الوقت تستجلب الفكرة الوسواسية. الربط ما بين الفكرة الوسواسية وإيقاع الألم على الذات يُضعف الوسواس، لأن الأشياء المتنافرة لا تلتقي في حيّزٍ فكري واحد.
تُكرر هذا التمرين الثالث عشرين مرة متتالية، وتطبّق هذه التمارين الثلاثة على كلِّ فكرة بمعدل مرة إلى مرتين يوميًا، وبعد أسبوعين من المفترض أن تختفي هذه الوساوس تمامًا.
وقطعًا العلاجات الأخرى تتمثّل في ممارسة الرياضة، وتطبيق بعض تمارين الاسترخاء، وإسلام ويب لديها استشارة رقمها (
2136015)، حاول أن تتطلع عليها، وسوف تجد فيها بعض الإرشادات المفيدة، كما أنه توجد برامج كثيرة جدًّا على اليوتيوب توضح كيفية تطبيق هذه التمارين.
بعد ذلك - أخي الكريم - أريد أن أنقلك إلى أحد العلاجات الدوائية الفاعلة جدًّا، وقطعًا الدواء الأفضل هو (بروزاك Prozac) والذي يُسمّى علميًا (فلوكسيتين Fluoxetine)، تبدأ في تناوله بجرعة عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، ثم تجعل الجرعة أربعين مليجرامًا -أي كبسولتين- يوميًا لمدة شهرٍ، ثم تجعلها ثلاث كبسولات يوميًا -أي ستين مليجرامًا- لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى كبسولتين يوميًا لمدة شهرين، ثم تنتقل للجرعة الوقائية، وهي كبسولة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
ويمكن أن تُدعم الفلوكستين بعقار (ريسبيريدون Risperidone) بجرعة واحد مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر.
كلا الدواءين من الأدوية السليمة والفاعلة والمفيدة جدًّا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.