كيف أتعامل مع زوجي وعشقه لامرأة أخرى؟
2020-05-13 03:47:46 | إسلام ويب
السؤال:
السلام الله عليكم
بارك الله فيكم لمساعدتنا في حل مشاكلنا، وأسأل الله العلي القدير أن يفرج عنكم كل هم بفضله وكرمه.
تزوجنا بعد حب شريف عفيف دام 4 سنوات، أصر زوجي على الارتباط بي رغم معوقات كثيرة وأنا كذلك، ولدينا 4 أبناء أكبرهم 15 عاما.
كنت ألاحظ عليه حبه الشديد للنظر إلى النساء، وفي كل مرة يتعلل بأنه لم يكن يقصد، ثم في سنوات الزواج كان متعدد العلاقات عبر الإنترنت، وأشعر بذلك بإحساسي قبل أن يكشفه الله أمامي، ويعتذر ويقسم ويعد بأنها غلطة ولن تتكرر، وأنني الوحيدة التي يحبها، ويحرص على أن تكون معه العمر بأكمله.
كنت أسأله هل لدي نقص ما؟ فيؤكد: حاشا لله أنك فيك عيب أو نقص أو تقصير تجاهه، سواء في العاطفة والاهتمام، أو في العلاقة الحميمية، أو في أي ناحية أخرى، فأسأله: لماذا إذن تفعل هذا؟ فيجيب: لا أعلم، اعتبريه مرض، وسأحاول التعافي منه.
علما بأنني سيدة جميلة جدا بشهادة الجميع وهو أولهم، وأحاول منذ أن تزوجته أن أغنيه عن كل النساء حتى في مجال عمله، كنت أتناقش معه، وأقترح عليه، وأتحاور معه لساعات في عدة مجالات، سياسة، اقتصاد، دين، أدب، شعر، حياة.
لم أكن تلك المرأة التي بمرور الزواج أهملت نفسها، أو تراجعت مشاعر حبها له، ومحاولاتها الدائمة لإسعاده، والآن هو يعشق ويحب أخرى عرفها من تويتر، وصار عقله معلق بها، وصارحني أنه يحبها ومتعلق بها، وانعكس ذلك على إهماله لي ولأطفالنا، وبروده معي، حتى صارت هي دنياه كلها، وقال هو القدر، وإرادة الله، وربما يفكر أن يتزوجها.
أرشدوني ماذا أفعل؟
عافته نفسي، وشعرت بعدم التقدير والحب.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم حمزة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله تعالى:
إن أفضل ما تعالجين به مشكلتك مع زوجك تنمية إيمانه بالله تعالى، وتنمية جانب الخوف من الله تعالى، ولا يمكن أن يكون ذلك إلا من خلال كثرة الأعمال الصالحة، فإطلاق العنان للنظر، وبناء علاقة حب مع امرأة أجنبية خارج إطار الزوجية دليل على ضعف الإيمان، وعلاج الشهوة لا يكون إلا من خلال الإيمان، سواء كانت شهوة الفرج أو شهوة النظر وغير ذلك.
والإنسان يقع إما في مرض الشبهة أو الشهوة، فالشبهة علاجها بالعلم، فلا تدحض الشبهة ولا تدمغ إلا به، وأما الشهوة فيكون قمعها بالإيمان ومخافة الله سبحانه.
واضح أن حياتك مع زوجك فيها نوع من الاستقرار، ولا يؤرقها ويقلقها إلا تساهله في إطلاق العنان لنظره، وأخيرا وقوعه في شراك تلك المرأة وحبه وتعلقه بها، ولذلك أوصيك أن تذكريه بأن هذا الأمر سيجلب له الكثير من الويلات، وقد يتسبب بتشتت أسرته وتمزقها، فعليه أن يزن الأمور بميزان المصالح والمفاسد، وعليه أن يغلب مصلحة الأسرة على مصلحته الشخصية، ولأنه ليس محروما أصلا من قضاء شهوته، فالمسألة هي نفسية، أقصد أن النفس هي التي تشتهي، وربما يكون الشيطان هو من يؤزه أزا بجلب التخيلات الفارغة، والتي قد لا يجدها على أرض الواقع، مع العلم أن النفس إن ردها صاحبها وقنعها ترد وتقنع بما قسم الله تعالى، ورحم الله الشاعر الذي قال:
والنفس راغبة إذا رغبتها ** وإذا ترد إلى قليل تقنع.
بما أن زوجك يقبل النقاش فتحاوري معه بهدوء ورفق، وبيني له عواقب هذه الأفكار، فهو لا يعرف هذه الفتاة ولا صفاتها، ولا يعرف نسبها إلا من خلال العالم الافتراضي، وهذا غير كاف كي يحبها، مع عدم إقرارنا له كون ذلك لا يحل له؛ لأنها أجنبية، ولأن من أراد الزواج فليأت البيوت من أبوابها.
هذه المرأة يمكن أن تكون متصنعة في سلوكها كونها لم تجد زوجا مثلا، وربما غيرت من شكلها باستخدام مساحيق التجميل، ثم واضح أنها غير ملتزمة كونها سمحت لنفسها بخيانة أهلها، وربطت علاقة مع زوجك، وبما أنها فعلت هذا مع زوجك فلربما قد فعلته مع غيره، فلا بد أن تنبهيه لهذا لأنه الآن أعمى البصر والبصيرة، كما يقال في المثل: حبك الشيء يعمي ويصم.
بيني له أنه لو فكر قليلا بمستقبل أبنائه لما وقع في شراك هذه المرأة هذا من جهة، ومن جهة أخرى ربما لا يدرك تبعات ذلك، فلربما قوي أمر الزواج بها، وهذا يعني المزيد من التبعات المالية، من فتح بيت مستقبل ومصاريف وغير ذلك، وقد تأتي هذه المرأة وتتسبب في إهماله لأسرته وأبنائه، خاصة إن كانت شخصيتها أقوى من شخصيته، وقد بدت ملامح ذلك من الآن.
لا تيأسي من إقناعه، وعليك أن تنوعي من أساليب حواره، مع تحين الأوقات المناسبة وخاصة إن أتت أوقات ترين أن نفسه متراجعة عن هذا الأمر؛ لأنه الآن في حال تصارع نفسي في هذه المسألة.
لست أدري هل يمكن أن تستعيني عليه بعد الله تعالى بمن يقنعه إن لم تستطيعي إقناعه، كأبيه أو أمه أو أحدا من إخوته، فإن وجد وعجزت عن إقناعه فلا بأس من ذلك، بشرط أن يغلب ظنك أن ذلك لن تكون نتيجته عكسية.
لا تجعلي هذه المسألة تتسبب في إهمالك لنفسك، أو التقصير في حقه؛ لأنه سيجد مبررا لفعلته، وعليك أن تذكريه بالسنين والعشرة التي بينكما، وكيف أنه كان يقول إن ما يفعله مجرد مرض وأنه لا يميل لغيرك.
سليه عن الأسباب التي جعلته يميل لهذه المرأة، فمعرفة الأسباب تعينك وتعيننا على حل الإشكال -بإذن الله تعالى-، ويجب أن يقر أنه قد بدأ التقصير معك ومع أبنائه، وهو في بداية تعلقه بهذه المرأة، فكيف إن تزوج بها.
تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسليه أن يقنع قلب زوجك ويصرفه عن هذه المسألة، وألحي على الله بذلك، فقلوب العباد بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف يشاء، وأكثري من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).
عليك أن تحاوريه وتطلبي منه أن يكون متريثا متأنيا في هذا الأمر، خاصة أنه لا أحد يعرف كيف ستكون الأوضاع بعد جائحة (كورونا) وخاصة من الناحية الاقتصادية، وفي التأني السلامة وفي العجلة الندامة فهنالك تقارير أن الكثير من المؤسسات والمنشئات والمصانع الصغيرة ستعلن إفلاسها، وسوف يتسرح كثير من الموظفين والعمال من وظائفهم، ومن باب أولى أن المؤسسات والمنشئات الصغيرة ستغلق أبوابها.
أوصيه أن يصلي صلاة الاستخارة، ويستشير أهل الخير والصلاح والخبرة وأهل العقول الراجحة، ولا يصغ لضعفاء العقول أو يقرر مصيره بنفسه، ففي الأثر: (ما خاب من استشار ولا ندم من استخار).
الزمي الاستغفار وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).
اجتهدي في تقوية إيمانك، وأكثري من الأعمال الصالحة، فإن الحياة الطيبة لا تستجلب إلا بذلك كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى لك التوفيق.