اقترضت من صديق فآذاني ماديا واجتماعيا!
2019-09-22 03:04:42 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قمت بأخذ مبلغ مالي من صديق لإنشاء مشروع تجاري في بلد أوروبي (السويد)، والمشروع فشل، وأنا خسرت كل شيء، وبطبيعة الحال أصبحت قدرتي المادية معدومة بسبب الخسارة الكبيرة التي بليت بها.
القدرة على دفع القرض باتت معدومة كليا، وأنا قمت بشرح الوضع للصديق صاحب المال، وبأنني غير قادر في الوقت الحالي على دفع القرض، وبأنني بكل تأكيد سأقوم بدفع القرض بمجرد بدئي بعمل جديد.
الذي حدث بعد ذلك بفترة لا تتجاوز السنة هو بأن ذلك الصديق قام بتقديم شكوى علي لدى مصلحة الجباية السويدية، هكذا شكوى هي ذات تأثير كارثي على الشخص في السويد، حيث أنها تجرد الشخص من كثير المميزات التي يقدمها النظام السويدي للقاطنين في هذا البلد، حيث يحصل الشخص المشتكى عليه على ما يسمى بعلامة سوداء على اسمه، وهذه بدوره يؤدي إلى أن الشخص يصبح غير قادر على امتلاك أي شيء باسمه أو شراء أي شيء بالتقسيط، حتى بعض الدراسات ومجالات العمل تصبح محرمة على هكذا شخص، ومعظم أرباب العمل في هذا البلد تختار بأن لا توظف أي موظف حامل للعلامة السوداء على اسمه.
هذه الشكوى دمرت حياتي بشكل كلي، وجعلت مني مواطنا من الدرجة العاشرة في هذا البلد، فهذه الشكوى قائمة منذ سبع سنوات، وأنا رافض لدفع القرض للصديق لأنني أعتبر بأنه دمر حياتي
وآذاني مع علمه بأنني لم أكن قادرا على دفع القرض حينئذ، هو اختار أن يؤذيني بهذا الشكل المجحف لسبب إلى اليوم لا أعلمه.
أنا أعتبر بأن الدائن قد آذاني ماديا واجتماعيا إلى حد يتجاوز في أذاه المبلغ المستقرض منذ البداية، أضعافا مضاعفة، وأنا أطالبه بالعطل والضرر، وإذا كان يريدني أن أدفع له القرض فعليه أن يقوم بتعويضي عن كل الخسائر المادية والاجتماعية التي سببها لي خلال السبع سنوات الماضية.
سؤالي هو: هل أنا على حق في دعواي، أم يحق له أن يدمرني بهذا الشكل؟ وبالرغم من ذلك أدفع له القرض كاملا بالإضافة إلى الفائدة المتراكمة على القرض؟
جزاكم الله كل خير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ رياض حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك – أخي العزيز – وأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، ونسأل الله تعالى أن يفرج همك، وييسر أمرك، ويشرح صدرك، ويرزقك المال المبارك.
يجب أن تعلم – حفظك الله وأعانك – أن أمر الدين خطير؛ فلا يجوز أن يلجأ إليه الإنسان إلا عند الضرورة أو شدة الحاجة؛ لأنه هم بالليل وذل بالنهار, كما ويشترط أن يغلب على ظن المستدين قدرته على السداد عند حلول أجل الدين, ويستحب أن تسبق الاستدانة الاطمئنان إلى حسن خلق الدائن وكونه ميسور الحال منعاً من تبعات الدين الخطيرة في الدنيا والآخرة, وقد صح في الحديث أن من مات مديناً وهو قادر على قضاء الدين أنه ظالم يجوز الطعن في أمانته وتجوز شكواه لدى الجهات المسؤولة؛ حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مطل الغني ظلم يحل عرضه وعقوبته).
وقد ترك النبي -صلى الله عليه-وسلم- الصلاة على من مات وعليه ديناران, حتى تكفل بسدادهما أبو قتادة رضي الله عنه, فلما رآه من الغد وقال له قد قضيتها, قال صلى الله عليه وسلم: (الآن بردت عليه جلده) مسند أحمد وحسنه النووي.
وصح عند الترمذي (نفس المؤمن معلّقة بدينه حتى يُقضى عنه).
كما وقد صح عند الترمذي عن ثوبان رضي الله عنه, أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من فارق الروح والجسد وهو بريء من ثلاث دخل الجنة : الكِبر, والدَين, والغلول).
وروى الترمذي – وحسّنه – عن أبي هريرة رضي الله عنه, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نفس المؤمن مُعلّقة بدينه حتي يقضى عنه).
ومن وجهة أخرى فإنه يستحب العفو عن المعسر وهو غير القادر على قضاء الدين أو التخفيف عنه ومسامحته ببعض الدين (مَن سرُّه أن ينجيه الله مِن كرب يوم القيامة فليُنفٍّس عن مُعسِر أو يضع عنه).
وأما إذا ثبت أن المدين معسر, أي غير قادر على السداد فإنه لا تجوز شكواه وأذاه, بل يجوز شكوى الدائن والحال هذه لوجوب الصبر عليه بدليل قوله تعالى: (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون).
وجاء في الصحيح (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه).
وعليه, فينبغي لوم نفسك في حالة المجازفة بالاقتراض فيما لو كان لغير حاجة شديدة وفيما لو ثبتت منك المماطلة.
وأما إذا لم يكن منك تفريط وتقصير وثبت إعسارك أيضاً, فلا يجوز له شكواك ولا أذاك مما سبق فيجب عليه الصبر حتى ييسر الله حالك وإلا فيكون هو الظالم لا أنت.
أما والقوانين عندكم ليست على هذا التفصيل الشرعي, فالذي أنصحك به المبادرة إلى قضاء الدين ما أمكن بالبحث والاجتهاد في العمل أو الاستدانة من رجل مرضي الحال والمال وإيكال أمرك وأمره إلى الله والله المستعان.
أوصيك بالدعاء ولزوم الذكر والطاعة والصبر وحسن الظن بالله وعدم اليأس من رحمته سبحانه.