الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ناصر حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإن أعراضك هذه واضحة جدًّا، وتُمثِّلُ صورة مثالية لما نسميه بقلق المخاوف الوسواسي، فهنالك قلق، وهنالك مخاوف، وهنالك وساوس، وينتج عنها الكثير من الأعراض، بعضها نفسي، وبعضها جسدي، وبعضها اجتماعي، فالأعراض هذه تُحِدُّ كثيرًا من نشاطك الاجتماعي، نسبةً لما يكون مصاحبًا لها من رهبة، والشعور الجسدي بالتنميل وبرودة الجسم وسرعة ضربات القلب، وجفاف الفم، والدوَّار والدوخة: هذه أعراض نستطيع أن نصفها بأنها مثالية جدًّا لقلق المخاوف الوسواسي، وألاحظُ أيضًا أن شدة القلق أعطتك شعورًا بالتغرُّب عن الذات، أو ما يُسمَّى (اضطراب الأنّية)، لكنه من درجة بسيطة.
أيها -الفاضل الكريم-: أول ما أريدك أن تقوم به هو ما نسميه بالتحليل السلوكي، اكتب هذه الأعراض كلها، ابدأ بأبسطها ثم انتقل لما هو أشدَّها فأشدَّها، وبعد ذلك حاول أن تخضعها -واحدة تلو الأخرى- إلى المنطق، إلى التحليل، وابدأ في تحقيرها، واعرف أن كل شيء يُقابله شيء في هذه الدنيا، الخوف يُقابله الاطمئنان والسكينة، والقلق يُقابله السكينة والطمأنينة أيضًا، وهكذا.
فابحث عن هذه المقابلات، واستبدل ما هو سلبي بما هو إيجابي، وعلى نطاق الحياة: أريدك ألَّا تتردد كثيرًا على الأطباء، لكن اجعل لنفسك مواعيد مع طبيب واحد تثق فيه، كالطبيب الباطني مثلاً، أو طبيب الأسرة، تأتيه مرة كل أربعة أشهر، وذلك من أجل إجراء الفحوصات الطبية العامة.
والآن واصل في مراجعة الطبيب النفسي، السبرالكس دواء رائع، وكان من المفترض أن تبدأ بخمسة مليجرام -أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام- لكن ألاحظ أنه قد حدث لك شيء من الآثار الجانبية ممَّا أدَّت إلى ما يمكن أن نعتبره نوعًا من النفور من هذا الدواء، لذا أقول لك: استبدله بعقار آخر مفيد ممتاز، الدواء الآخر يُعرف باسم (زولفت) هذا هو الاسم التجاري، واسمه العلمي (سيرترالين)، والجرعة: تبدأ بجرعة صغيرة، نصف حبة فقط -أي خمسة وعشرين مليجرامًا- تناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم اجعلها حبتين -أي مائة مليجرام ليلاً- واستمر على هذه الجرعة العلاجية لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة ليلاً لمدة شهرين، ثم اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذا دواء رائع وسليم وغير إدماني، ومفيد جدًّا، وقد أعطيناك له بجرعة صغيرة جدًّا كجرعة بداية أو جرعة تمهيدية، ثم بعد ذلك تنتقل إلى الجرعة العلاجية والتي تصل إلى حبتين في اليوم، علمًا بأن الجرعة العلاجية يمكن أن تصل إلى أربع حبات في اليوم دون أي إشكالية فيما يتعلق بسلامة الدواء، لكن أنا أعتقد أن حالتك سوف تستجيب للجرعة الصغيرة الوسطية التي وصفتها لك.
أيها -الفاضل الكريم-: تمارين والتمارين الرياضية دائمًا تُعطي ثقة كبيرة جدًّا للإنسان للتخلص من مخاوفه، وكذلك وساوسه وقلقه، التعبير عن الذات، وبناء النسيج الاجتماعي المتميز، والقيام بالواجبات الاجتماعية، وواجبات العبادة (الفروض)، الصلاة في وقتها مع الجماعة، هذا -يا أخي- يعطيك دفعًا نفسيًّا إيجابيًّا يجعلك تتخلص تمامًا من هذه المخاوف، واجعل لنفسك (أيضًا) مشروع حياة تُنجز فيه من خلاله ما تُريد أن تأمله وتُنجزه في هذه الحياة.
وللفائدة راجع: علاج الخوف من الموت سلوكيا: (
261797 -
272262 -
263284 -
278081)، وعلاج الخوف من الأمراض سلوكيا: (
263760 -
265121 -
263420 -
268738).
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.