نقيم في فلسطين فكيف نجعل مقامنا فيها احتسابا وأجرا.
2013-12-02 23:57:22 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد شرح معنى الصبر والاحتساب, فمن المعروف أن الصبر من العبادات المهمة التي يؤجر عليها المسلم, فالمسلم يجب أن يصبر على الأمراض والأوضاع الاقتصادية والمادية الصعبة التي يمر بها, وكل شيء يتعرض له, قال صلى الله عليه وسلم:" عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له".
خاصة نحن في فلسطين وبلاد الشام, وما نتعرض له من ابتلاءات ومؤامرات, فما أعرفه هو: أن مجرد وجودنا في فلسطين كأننا نرابط في سبيل الله بشرط الاحتساب, فقد ورد حديث عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-يقول فيه: "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك" قالوا: يا رسول الله: وأين هم؟ قال: "ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس" فما هو الصبر وما هو الاحتساب؟ وماذا يفعل المسلم عندما يتعرض للابتلاءات والظروف المادية الصعبة لكي يحسب له الأجر عند الله, ولا يكون صبره كصبر غير المسلمين؟
آسف جدا على الإطالة, ولكني والله لثقتي بكم شرحت لكم كل هذه التفاصيل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ jehad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أخي الحبيب- في موقعك إسلام ويب, وإنا سعداء بتواصلك معنا, ونسأل الله أن يبارك فيك, وأن يحفظك من كل مكروه.
وبخصوص ما سألت عنه من وجودك في أرض الرباط, وتعرضك للبلاء والفاقة، وتسأل أيها الحبيب عن الصبر والاحتساب وكيفية أخذ الأجر من الله عز وجل.
اعلم -حفظك الله- أن الصبر في اللغة: حبس النفس من الفزع والجزع عند المكروه, وأما الاحتساب فهو طلب الأجر من الله بِالصبرِ على الْبلَاء، مطمئنة نَفسه غير كارهة لَهُ, والمسلم الصادق يعيش مطمئن النفس عند البلاء أو الرخاء، واثقا أن الله يختار له الخير، وأن عواقب الصبر أفضل له.
فالصبر من اسمه مُرٌ مذاقه *** لكن عواقبه أحلى من العسل
وحتى يأخذ المسلم أجره كاملا لا بد من استحضار عدة أمور هي بمثابة المعينات.
أولاً: الإيمان بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك: أول ما ينبغي أن تعلمه أخي الحبيب أن البلاء قدر الله, وجند من جنود الله، فإذا ما اعتقدت ذلك وآمنت به؛ تذوقت طعم الإيمان فكان لك معينا، وإليك ما قاله عبادة بن الصامت لابنه: يَا بُنَىَّ إِنَّكَ لَنْ تَجِدَ طَعْمَ حَقِيقَةِ الإِيمَانِ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ, وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ, سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ. قَالَ رَبِّ: وَمَاذَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَىْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ) يَا بُنَىَّ إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (مَنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَلَيْسَ مِنِّى).
ثانيًا: التفكر في عواقب البلاء، فقد علمنا ديننا أن البلاء لا يأتي إلا بخير، وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "ما أصبت بمصيبة إلا كان لله علي فيها أربع نعم: أنها لم تكن في ديني، وأنها لم تكن أكبر منها، وأنني لم أحرم الرضا عند نزولها، وأنني أرجو ثواب الله عليها" وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الله يكفر بها الذنوب، فعن عبد الله بن عمر قال: دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يوعك, فقلت يا رسول الله: إنك لتوعك وعكا شديدًا, قال أجل, إني أوعك كما يوعك رجلان منكم, قلت: ذلك أن لك أجرين, قال: أجل ذلك كذلك, ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها إلا كفر الله بها سيئاته كما تحط الشجرة ورقها.
ثالثًا: الرضى عن الله والبعد عن السخط: وليكن شعارك أخي الحبيب:
رضيت بما قسمَ الله لي * * * وفوّضتُ أمري إلى خالقي
كما أحسن الله فيما مضى * * * كذلك يُحسن فيما بَقِي
رابعًا: الدعاء أن يرفع الله عنك وعن المسلمين هذه الغمة، فالدعاء سهم صائب، فأكثر من الدعاء أن يصبرك الله, وأن يزيدك ثباتا, وأن يرفع الله عنكم كل بلاء وضرر.
بهذه الأمور أيها الحبيب تتلمس الأجر من الله، نسأل الله أن يوفقك لكل خير, وأن يصبرك ويثبتك على الحق.
والله الموفق.