الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إنسان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هنالك محطات واضحة جدًّا في حياتك: محطة الطفولة واليفاعة، ومن ثم حياتك التي تعيشها الآن في كندا.
أولاً: بالنسبة للطفولة – أيها الفاضل الكريم – أرجو أن تُفسّر وتؤوّل مسلك والديك حيالك التفسير والتأويل الإيجابي والطيب والمفيد، وأنا أعتقد أن المخاشنة – إن جاز التعبير – التي صدرت من والديك حيالك كانت ناتجة من سعيهما لأن تكون أفضل منهما؛ لأنك أنت الولد الكبير، وهم يريدونك أن تكون القدوة الصالحة لإخوتك، وهذه مشكلة الكثير من الآباء، فحبهم الغريزي الفطري الجبلي يدفعهم لأبعاد بعيدة، وتكون آمالهم عريضة في أبنائهم، وسعيهم الحثيث هو أن يجعلوا الابن في أحسن حال من حيث كفاءته التربوية, وكذلك مستواه الأكاديمي, وغيره.
فأرجو ألا تنظر إلى ما حدث في هذه الفترة – أو صعوبات في أيام الطفولة – نظرة خاطئة أو سلبية، بل انظر إليه نظرة إيجابية - كما شرحت لك -.
أنت الآن – أيها الفاضل الكريم –تعاني من حالة عدم استقرار نفسي، فلديك قلق، ولديك توترات، كما أن شكوكك الظنانية البسيطة حيال الآخرين لا أعتقد أنها مرضية، إنما هي وسواسية الطابع، وهذه بالفعل تجعل الإنسان يحس بالكدر، وتقلل الطاقات النفسية والجسدية؛ لذا تجد حتى دافعيتك نحو الصلاة ربما لا تكون كما تريد.
أنا أعتقد أن الأمور يمكن أن تعالج بصورة إيجابية جدًّا, فتوقف مع نفسك، وانظر إلى مصادر القوة في نفسك، وهي كثيرة - إن شاء الله تعالى – وانظر إلى السلبيات، وحاول أن تستفيد من الإيجابيات، وتتعامل مع السلبيات معاملة حازمة، وتتخلص منها واحدة تلو الأخرى، وابدأ بالأهون منها، ثم الأشد فالأشد حتى تتخلص منها.
أنت أدرى بصعوباتك، أنت أدرى بإيجابياتك، وأنت أدرى بإخفاقاتك، وتعامل معها هذا التعامل السلوكي المنهجي الذي ذكرته لك، وسوف تجد أن الأمور - إن شاء الله تعالى – قد تبدلت.
أنا أريدك أن تنظر لنفسك بعد أربع أو خمس سنوات من الآن، أين ستكون؟ ما هو تحصيلك العلمي؟ ما هي شهاداتك؟ ما هي مؤهلاتك؟ فهذا كله يجب أن تتصوره من الآن؛ لأن هذا الهدف - إذا كان واضحًا في مخيلتك - فسوف يمثل دافعًا إيجابيًا لك.
أنا سعيد جدًّا بقناعاتك حول الحشيش والكحوليات، فهي بالفعل رديئة، والعادة السرية أرجو أن تتعامل معها أيضًا بعقلانية، وأن تتصدى لها، وتستبدلها بأشياء أفضل: ممارسة الرياضة – الصيام متى ما استطعت إلى ذلك – وتعدد الأنشطة المختلفة، وتسخير طاقاتك من أجل العلم والتحصيل، وهذا كله يفيدك.
أنا أريدك أيضًا أن تحاول أن ترتب لإجازة، وتذهب لذويك وتلتقي معهم، أنت ذكرت أنك منذ فترة لم تذهب لأهلك، برغم سهولة التواصل الآن، لكن الزيارة العملية والفعلية ستكون مفيدة جدًّا لك، وأنا أعتقد أنك سوف تُجدد طاقاتك الفكرية والذهنية والوجدانية من خلال ترتيب مثل هذه الإجازة.
ربما يكون أيضًا من الأفضل لك أن تتناول أحد الأدوية البسيطة التي لها فعالية - خاصة في علاج القلق، والتوترات، والإحباطات, وكذلك الوساوس - وفي كندا يوجد عقار (باكسيل)، والذي يسمى (باروكستين) – هذا هو اسمه العلمي – فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجرامات يوميًا لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة – أي عشرين مليجرامًا – استمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى عشرة مليجرامات يوميًا لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرامات يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذا الدواء من الأدوية الممتازة جدًّا، والسليمة والفاعلة، والتي سوف تفيدك كثيرًا - إن شاء الله تعالى – وإن قابلت الطبيب فأرجو أن تتبع إرشاداته، وتناول الدواء الذي سوف يصفه لك، فالأدوية متشابهة لدرجة كبيرة، وأنا أريدك أن تكون إيجابيًا في تفكيرك، وأن تتخلص من السلبيات، وحالتك - إن شاء الله تعالى – بسيطة، وانظر لتجربة الطفولة والماضي كعبرة إيجابية، وانطلق انطلاقات قوية نحو المستقبل، واحرص في أمور دينك، وكن دائمًا في معية الله.
وللفائدة راجع وسائل المحافظة على الصلاة:(
17395 -
55265 -
2133618 )، وسائل تقوية الإيمان: (
240748 -
231202 -
278059 -
278495).
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.