أفتقد الحب والحنان وأعاني من الفراغ العاطفي الذي أردت إشباعه بالحرام، فساعدوني.
2012-07-22 11:03:56 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم-، بالبداية أنا فتاة أبلغ من العمر 16 سنة، مشكلتي وهي:
أنني تعرضت للتعنيف من قبل أهلي منذ سن الطفولة إلى المرحلة المتوسطة، حتى أن ذلك أصبح روتيني اليومي! ولله الحمد كان توبيخ، ومد اليد، وألفاظ تقلل من شأني أمام أعين الناس وبالاجتماعات، وأيضاً كان بالحبس والضرب و... إلخ من التعنيف، مما أثر على نفسيتي وقلل من شأني لنفسي، حيث أنني لا أنكر بقولي لجملة [ لا فائدة من حياتي ] كثيراً!
وأيضاً لم يعط لي الاهتمام ولا الحب ولا الحنان من قبلهم، فألام حفظها الرب كانت تنعتني باليتيمة، فكنت دائماً أريد الموت، وأيضاً أتمنى المرض! لشد انتباههم لي، مما أدى ذلك إلى سلوكي للطريق الحرام، فكنت أبحث عما انحرمت منه في الحرام، تركت ذلك وتبت إلى الله وقلت سيعوضني الرب ذلك عما قريب، مما أيضاً زاد من نفسيتي – العادة السرية – وأنتم أعلم أكثر مني في آثارها النفسية!
تبت إلى الله وتركت كل طريق يؤدي بي إلى الهم أكثر، فأنا نفسيتي جداً جداً قد تعبت، وأريد لها العلاج مثل أي عضو بالجسد، فأنا كثيراً ما حاولت الانتحار والسبب راجع بأن لا فائدة لي من حياتي، والفراغ العاطفي الذي لا يوجد ما يحتويه فأنا أشعر بالوحدة وليس عندي إلا أخت كانت أول المعنفين لي وأشدهم قسوة، وأنتم أعلم بما يؤثر كل ما ذكرته بالحالة النفسية، فلا داعي لسردها لأنكم ذو خبرة، علماً أنني أصبت بالقولون العصبي منذ سن 14 والحمد لله على ذلك كثيراً.
أعذروني لأني أعجز عن ترتيب كل ما ذكرته بشكل أيسر.
ساعدوني فلم أعد أطيق الحياة، أنار الله قلوبكم بالأيمان وأرشدكم لطريق الصواب.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لست إلا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأحيانًا تفكير الإنسان يفرض عليه أن ينتقي الأشياء السلبية فقط، والتجارب في أثناء الطفولة قد تكون خشنة بالفعل وسيئة، وقد تترك آثارًا وجروحًا نفسية بليغة، لكن هناك من أخرجوا أنفسهم من دائرة التفكير هذه، وذلك بأنهم اعتبروا الماضي عبرة وخبرة تساعدهم في السير في حياتهم بخطوات قوية وثابتة.
أنت على بدايات أعتاب الحياة الحقيقية، ومن هنا يجب أن تعدي العدة، وذلك بأن تتبني تفكيرًا مخالفًاً تمامًا، وتعتبري المعاملة السيئة الماضية كجزء من الحياة التي قد يتعرض لها بعض الأطفال، وأنا من وجهة نظري أيضًا أنه ربما تكون هناك أشياء طيبة وجميلة في طفولتك فرض عليك الفكر السلبي ألا تتذكريها، وهذه إشكالية، فأنا أذكرك وأريدك أن تبحثي عن الأشياء الجميلة التي حدثت في طفولتك، سوف تجدي أن هناك أشياء جميلة ولا شك في ذلك.
والمهم في الأمر هو أن تعيشي الوضع الآن بقوة وإصرار وأمل ورجاء، فأنت بفضل الله تعالى تستفيدي من مهاراتك وإمكاناتك الفكرية بشكل ممتاز، وعيك أدرك أن العادة السرية قبيحة ويجب الإقلاع عنها، والحمد لله تعالى أنت تبت إلى الله تعالى، وتركت هذا الطريق، هذا أمر يجب أن تحفزي نفسك وتحسي بالمردود الإيجابي، وتحسي بالرضا، لأن هذا إنجاز ضخم وإنجاز كبير، ويدل على قوتك وشكيمتك وإصرارك على دفع الشهوات.
أنا أنزعجك كثيرًا حين أسمع من فتاة في مثل عمرك أنها حاولت الانتحار أو تريد الانتحار. أنا أعرف أن اللواتي يحاولن الانتحار لا يردن أن يمتن، ولكن يردن الخروج من الضيق ومن التوتر، وهي صرخة مساعدة، وأعني بذلك طلب المساعدة من الآخرين. ومحاولات الانتحار حتى وإن كان القصد منها أن الإنسان لا يريد أن يقتل نفسه ولكنها لعب بالنار، فقد يموت الإنسان خطأ وقد شاهدنا ذلك حين يريد الإقدام على مثل ذلك.
فيا أيتها الفاضلة الكريمة: هذا النوع من التفكير أو الأفعال يجب ألا يكون جزءً في حياتك. أنت أفضل من ذلك.
وبالنسبة لموضوع الوحدة والانعزال: لماذا تخسين بالوحدة؟ أنت لك زميلات في الدراسة، يمكن أن تبني علاقات طيبة معهنَّ، يمكنك أن تنضمي للجمعيات المدرسية، انخرطي في الأنشطة الخيرية والثقافية، وحتى على مستوى المنزل أفرضي قوتك وإرادتك وذلك من خلال أن تأخذي مبادرات إيجابية، وألا تكوني متلقية فقط، ابحثي دائمًا عن رضى الوالدين، فهو قيمة عظيمة، مارسي الرياضة، أديري وقتك بصورة جيدة... فهناك أشياء كثيرة جدًّا، لديك فرصة عظيمة جدًّا أن تقومي بها.
أنت ذكرت أنك مصابة بالقولون العصبي منذ سن الرابعة عشر، وهذا يلفت نظري إلى أنه بالفعل أنه ربما يكون لديك أصلاً قابلية للقلق والتوتر، وهذا هو الذي جعلك تتحسرين على أشياء كثيرة، وتضخم فكريًا لديك مما يجعلك تحسين بالكدر والكآبة.
مرة أخرى أقول لك: يجب أن تكوني أكثر إيجابية، وأمامك فرصة عظيمة جدًّا أن تعيشي حياة طيبة وهانئة.
لا أعتقد أنك في حاجة إلى علاج دوائي، لكن إذا لم تتحسن أحوالك بعد اتباعك لهذا الإرشاد يمكنك أن تتواصلي مع طبيب نفسي.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.