مسئوليتي تسبب عصبيتي وزوجي لا يقدر ذلك ويسمعني أسوأ الألفاظ!
2012-01-17 11:42:21 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم,,,
أرغب بعرض مشكلتي لعلي أجد حلا.
أنا إنسانة عصبية من كل شيء، وأحيانا على أتفه الأمور، أحاول أن أسيطر, ولكن أنسى كل شيء وأنا في لحظة الغضب، أنا أم لثلاثة أبناء -الله يحفظهم- وأنا المسئولة عنهم بكل شيء، رغم وجود الأب الذي هو أيضا تحت مسئوليتي؛ لأنه لا يداوم، ومعاشه إما خصم, أو متوقف، وأنا التي أدفع كل مصاريفنا، وأحيانا عندما يستلم معاشه بعد شهرين أو ثلاثة من الانقطاع يدفع الإيجارات.
أحس بملل, وقتي ومالي للبيت والأولاد، وإن خرجت فمعهم، وزوجي يتدخل في كل شيء، ويريدني كالمرأة العجوز، ويشك في كل الناس، وأسمع منه أقبح الألفاظ أمام أبنائي والخدامة، وصوته عالٍ، حتى الجيران يسمعونه, دائما يصرخ، وينكر كل مواقفي معه بأزماته، وإن طلبت منه أن يداوم ويتحمل المسئولية, قال: تعايريني.
فقدت الإحساس معه، ولا أرغب فيه, أو أن أتحمل غلطاته, حتى المعاشرة أرفضها أو أتغصبها، أهتم بنفسي أكثر، وأحس براحة أكثر، ولا أرغب أن أتكلم معه، هذه بعض معاناتي فماذا أفعل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم بدر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وعن أي موضوع، ونسأل الله الجليل جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يربط على قلبك، وأن يجزيك خير الجزاء على تضحياتك, وإكرامك لأولادك وأسرتك, وصبرك على ظروف زوجك الصعبة, وأخلاقه المزعجة، كما نسأله تبارك وتعالى أن يعوضك خيرًا في الدنيا والآخرة.
وبخصوص ما ورد برسالتك فالذي يبدو أن السبب وراء هذا الغضب وهذه الحدة الشديدة إنما هو تلك الظروف الصعبة التي وردت برسالتك، حيث إنك ذكرت أنك أصبحت عصبية جدًّا من كل شيء، وأحيانًا على أتفه الأمور، وتحاولين السيطرة على نفسك، ولكن رغم ذلك عند لحظات الغضب لا تذكرين شيئًا من ذلك، وتنفعلين غاية الانفعال، وقد تخرجين عن صوابك ووعيك.
أقول: إن هذه الحالة النفسية التي تعيشينها إنما هي ثمرة طبيعية لتلك الضغوط التي تتعرضين لها في حياتك اليومية، فمعاناتك من تصرفات زوجك، وأيضًا سلبياته الكبيرة الواضحة، وكونك أنت الأب والأم في نفس الوقت، بل إنك أيضًا كذلك مسئولة عن زوجك الذي لا يُدرك قدر المسئولية، ولا يحرص على أن يقوم بدوره الذي ينبغي عليه، وكذلك أيضًا حتى الألفاظ التي تصدر منه والعبارات النابية، وجرح مشاعرك أمام الأولاد والخادمة، وارتفاع صوته عليك، حتى إن الجيران ليسمعونه، كل هذه تُلقي بظلالها على أعصابك وعلى مشاعرك؛ مما يجعلك تفقدين السيطرة على نفسك -خاصة في لحظات الغضب- وتقولين ماذا تفعلين؟
الحل حقيقة يحتاج إلى شيء من الصبر الجميل؛ لأن هذه المعاناة قد لا تتوقف في القريب العاجل، ومن هنا فإني أقول لك: ليس أمامك أولاً إلا الصبر الجميل، ومحاولة علاج نوبات الغضب بالابتعاد عن مسرح الخلاف، فإذا كان الخلاف مثلاً في الصالة فمن الممكن أن تتركيها, وأن تدخلي إلى إحدى الغرف، وإذا كان الخلاف في إحدى الغرف فمن الممكن أن تخرجي وأن تتركي المكان الذي فيه سبب الخلاف والنزاع، لعل خروجك وهروبك من الموقف يؤدي إلى إقلال حدة الغضب والثورة عندك.
كذلك أيضًا عندما تشعرين ببدايات الغضب والثورة فحاولي أن تغيري من وضعك الذي أنت عليه؛ فإذا كنت قائمة فاجلسي، وإذا كنت جالسة فاستلقي على ظهرك أو على جنبك، وأكثري من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم, والاستغفار، وكذلك أكثري من الصلاة على النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم.
حاولي قدر الاستطاعة أن تنسحبي من مسرح الخلاف في أسرع وقت ممكن، حتى لا يتأجج الخلاف؛ لأن وجودك أمام زوجك أو أمام المشكلة يجعل الأمر يتفاقم بكلمة منه, أو كلمة منك، وتتراكم الأمور, وتنفجر قنبلة, ويحدث ما لا تريدين وما لا ترغبين.
ولذلك أعتقد أن من أفضل صور العلاج إنما هو الانسحاب من المكان وبسرعة، مع الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم بكل قوة ومن أعماق قلبك، ومن الممكن أن تتوجهي إلى دورة المياه لغسل وجهك ويديك بالماء البارد، وأن تستعيذي بالله من الشيطان الرجيم عند نوبة الغضب؛ فلعل ذلك -بإذن الله تعالى- أن يكون بعض الحل.
ومشكلة الغضب علاجها صعب إذا لم يحرص الإنسان على أن يغير من سلوكه هو بنفسه، ولقد قال الله تبارك وتعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}. فإذا لم نكن نحن على استعداد أن نغير فأعتقد أنه من المتعذر جدًّا على أي جهة أن تساعدنا في ذلك.
ومن الممكن أن تمارسي نوعًا من الضغط على زوجك عن طريق أطراف أخرى، فإذا كان هناك من أحد قريب منكم كوالدته, أو إخوانه, أو إحدى أخواته, أو غير ذلك، فليحاول أن يكون الكلام من جهته هو بعيدًا عنك، وأن يعتب عليه, وأن يلومه على هذه السلبية، وأن يبيّن له أن هذه من الأسباب التي تؤدي إلى الخلاف والمشاكل.
وأيضًا عليك بالدعاء له أن يصلحه الله تبارك وتعالى, وأن يهدي قلبه، وأن يوفقه للانتظام في العمل حتى يُصبح إنسانًا فاعلاً ومنتجًا، وحتى يخف الضغط عنك, والمعاناة التي تعيشينها.
لعلي أتصور أن خروجه وتغيير واقعه, وانسجامه في العمل بصورة جادة قد يؤثر على نفسيته هو، وبالتالي يؤثر على نفسيتك أيضًا؛ لأن وجوده دائمًا في البيت مع هذه السلبية, وشعورك بأنه عالة عليك وعلى الأسرة يجعلك دائمًا في حالة توتر، أما لو خرج من البيت فإنه سيلقى أصحابه وزملاءه في العمل، وبالتالي سوف تتغير نفسيته, وسوف يعود إلى بيته بصورة أفضل مما كان عليه عند خروجه من البيت.
أكثري من الدعاء له بصلاح الحال، واعلمي أن دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب صدقة, وأنه لا يُرد، ولذلك أوصانا النبي به عليه صلوات ربي وسلامه.
لا تتوقفي عن الدعاء لنفسك, والدعاء له, والدعاء لأبنائك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بقوله: (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل).
فاجتهدي -بارك الله فيك- في الدعاء، وركزي على الانسحاب من مسرح الخلاف بأسرع وقت حتى لا تتفاقم الأمور.
وكذلك أيضًا انسحابك من مسرح الخلاف هذا مهم جدًّا لأنه يؤدي إلى إطفاء نار الشيطان, وإلى قدرتك على التمكن من أعصابك، وبذلك لا تفقدين شعورك, ولا تقعين في أشياء لا تريدينها.
حاولي التبسط مع زوجك قدر الاستطاعة, والتماس الأعذار، وعدم الغمز واللمز؛ لأن هذه أمور تجرح شعور الرجل, وتدمر كبريائه، وبالتالي تحوله إلى أسد جسور لا يلوي على شيء إلا أن يثأر لكرامته ونفسه.
اهتمي بعلاقتك مع الله، وحافظي على أذكار الصباح والمساء، وأبشري بفرج من الله قريب، واعلمي أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا، ونسأل الله تعالى أن يصلح حالكم, ويريح بالكم, ويؤلف على الخير قلوبكم, ويصلح ذات بينكم.
هذا وبالله التوفيق.