كيف أتعامل مع الظلم في مكان عملي؟
2012-01-01 12:52:46 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أخي الكريم: أنا أعمل في مؤسسة حكومية، وتحولت إلى القطاع الخاص حديثا، المدير هو أحد الأشخاص الذين تبدو عليهم ملامح التدين من خلال إطالة اللحية واللباس الإسلامي والفتاوى وخلافها، وينادونه بالشيخ.
سيدي الفاضل: بحكم عملنا في الحاسوب فإن سجلات الدوام المحوسبة وبياناتها تكون مخزنة لدينا، ويستطيع بعض الأشخاص في قسم الحاسوب -أي قسمنا- بتغيير البيانات كيفما شاؤوا، ويقوم المدير (الشيخ) بتسجيل دوام وهمي لأحد رؤساء الأقسام، وهو لا يداوم إلا أياما معدودة من الشهر، ويتم تغطيته بحجة المهمات الرسمية، وفي نهاية العام يكون رصيد إجازاته عاليا جدا، كما يقوم المدير بحرماننا من أعلى العلامات بالتقييم الشهري، فهو يضع دائما أعلى العلامات لرؤساء الأقسام، بغض النظر عن أدائهم، مما يحرمنا كموظفين من الحصول على أعلى العلامات إن استحقينا، كون العلامات موزعة ومسموحا بها بنسبب محددة لكل علامة.
يقوم المدير أيضا باستخدام سيارة العمل في الذهاب إلى صلاة الجمعة وأخذ عائلته بها، رغم أنه يملك سيارة خاصة، وأيضا قامت المؤسسة بسحب السيارة منه كونه يمشي لمسافات عالية جدا, إلا أنه يتواطئ مع السائق للحصول عليها في أيام العطل وبعد الدوام أحيانا.
سيدي الفاضل: تتنوع تجاوزات هذا الإنسان، وينتشر الظلم كثيرا في عملي, لكن بحكم أنه رئيسي ومديري فتصرفاته التجاوزية تؤذيني, وأنا أخاف من تسلطه وتسلط المدير العام، لذلك لا أقوم بتقديم شكوى للمدير العام عنه خوفا من حرماننا من التقييم.
أرشدني يا أخي الكريم، لا أستطيع أن أسكت عن الحق و عن أولئك الذين يدعون أنهم شيوخ.
دمتم لنا ذخرا، ولا حرمنا الله فائدتكم أبدا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الكتلوني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
مرحباً بك أيها الأخ الحبيب في استشارات إسلام ويب، ونحن نشكر لك غيرتك على تجاوز الناس حدود الله تعالى ووقوعهم في الحرام، ونرجو -إن شاء الله تعالى- أن تستغل قدراتك وموقعك في دعوة الناس إلى الخير بقدر الاستطاعة، فشأن المؤمن أنه حريص على تقديم النفع للآخرين في دينهم ودنياهم، بقدر الاستطاعة، من ذلك أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، بالتزام الضوابط الشرعية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
نحن لا ندري حقيقة أيها الحبيب مدى مشروعية تصرفات رئيسك في العمل وما يجوز له منها وما لا يجوز، أي ما أذن له فيها وما لم يؤذن له من قبل الجهة المسئولة عن العمل، ولكننا في الوقت ذاته نجزم بأن الإنسان عرضة للخطأ والوقوع في المخالفة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (كل بنى آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون) والملتزم هو من جملة بني آدم هؤلاء الذين يخطئون، ولكن الناس يتفاوتون في مقدار الخطأ، ولا ينبغي أن يكون خطأ الإنسان سببا لإسقاط مكانته واهدار قيمته، والإعراض عما فيه من المحاسن والحسنات.
ومن ثم نحن ندعوك أيها الحبيب أن تباشر هذه النصيحة وتقدمها من قلب خالص لهذا المسئول، مع التزام آداب النصيحة، كأن تناصحه بما تراه من المخالفات سراً بعيداً عن الآخرين، وأن تبين له أن الدافع لهذا هو حبه والحرص على الخير له، فإن المؤمن أخو المؤمن، ولا يؤمن أحدنا حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وهذه الكلمات الطيبة أيها الحبيب لا بد وأنها ستترك أثراً في نفسه، وبذلك تكون ظفرت بخير عميم، وأزلت المنكر، وأنقذت أخاك المسلم من تعاطيه لهذا المنكر، فنلت بذلك حب الله تعالى وحب أخيك المسلم، وقللت المفاسد في حياة الناس.
إذا لم تتمكن من ذلك، أو كان الإنكار سيؤدي إلى مفاسد أكبر منه، فيسعك السكوت على ذلك، وأمره إلى الله تعالى، وما وقع عليك من مظلمة فاسأل الله تعالى أن يرفع عنكم هذا الظلم، وأن يوصل إليكم حقوقكم، وإن كان لا يترتب على طلب الإنصاف مظالم أكبر أو فسادا أكبر، فلا ينبغي أبداً أن تترددوا في طلب إنصافكم وإعطائكم كامل حقوقكم، وبالجملة أيها الحبيب فإن الصبر خير كله وكما قال القائل:
الصبر مثل اسمه مر مذاقه ** ولكن عواقبه أحلى من العسل
نسأل الله تعالى أن يجعلك مفتاح للخير مغلاقاً للشر.