أعاني من الخجل الشديد وضعف الشخصية، ما توجيهكم؟
2011-11-16 07:27:16 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أواجه مشكلة الخجل الشديد، أخجل من كل الناس، أشعر كأن الناس تراقبني وتسخر مني، والمشكلة أيضاً أني أخجل خجلا شديدا من كل الناس، حتى من أقرب الناس لي، أمي وأبي وأخي!
دائماً أخجل عند التحدث أمامهم، لدرجة أني أحس وكأن الصوت الذي أتحدث به ليس صوتي الحقيقي، وأنه صوت ناتج عن الخجل، لدرجة أني تعودت عليه، وأصبح صوتي بذلك الشكل.
تعبت والله من هذه الحالة، وسمعت عن أناس في الموقع يعانون من الخجل، ولكن ليس لدرجة الخجل من أقرب الناس لهم، أتمنى أن تفهموا مشكلتي وتساعدوني، أنا لا أستطيع أن أتحمل أكثر، أيام كثيرة ولحظات حلوة من حياتي ضاعت بسبب الخجل، خصوصاً مع الأهل .
أتمنى في يوم أن أتخلص من الخجل وأتحدث بكل طلاقة وحرية وأعبر عن كل ما في داخلي من غير خوف ولا خجل، أتمنى أن أقضي أوقاتا ممتعة مع أهلي وأتحدث معهم، خصوصاً أبي وأمي، العمر صغير، والأيام تضيع مني بسبب الخجل، والله حتى إنني لا أستطيع أن ألقي السلام عليهم عند دخولي البيت بسبب الخجل، أخجل من أن يصدر مني شيء لأول مرة، وأحس بأنني مراقب لأي تصرف أو كلمة سأقولها لأول مرة.
من الجدير بالذكر أني عانيت من معاملة أبي لي لسنوات طويلة معاملة الأطفال، حتى عند مرحلة الجامعة، أنا لا أريد أن ألوم الآخرين على مشكلتي، لكن للأسف هذا الذي أشعر به حالياً، أشعر بأن أهلي هم السبب فيما أنا عليه.
مشكلتي الحقيقية أنني لا أعرف من أين أبدأ لكي أكسب الثقة بنفسي، أتمنى أن أجد شخصا يدلني على خطوات معينة من المستطاع عملها من أجل أن أتغير تدريجياً نحول الأفضل.
دائماً أفكر بالتغيير نحو الأفضل، ونحو شخصية قوية قادرة على تحمل الصعاب، واتخاذ القرارات وأتمنى ذلك، لكنني في النهاية أنصدم بمعاملة أهلي لي، وأشعر بأنهم يعاملونني كشخص ضعيف.
أيضاً عندما أفكر بأن أبدأ بالتغيير، لا أعلم هل الصورة التي ارتسمت عني في عيون أهلي وكل الناس الذين يعرفوني ممكن أن تتغير في لحظة؟ وماذا سيكون رد فعلهم من التغيير المفاجئ لأني أخشى كلام الناس، وردود أفعالهم خاصة المقربين مني؟!
هل أبدأ بالتغيير خطوة خطوة أم بتغيير مفاجئ نحو شخصية واقفة في نفسها؟ أتمنى أن تنصحوني جزاكم الله خيراً.
إذا ما كان التغيير خطوة خطوة أرجو أن تقترحوا لي خطوات، هل المشكلة من أن أبقى مع أهلي في البيت؟ وهل يجب أن أخرج من البيت؟ وإلى أين أذهب؟ أنا أخاف من كل الناس فما الفائدة؟! وهل أصارح أحدا من أهلي بهذه المشكلة؟ من أمي؟ وهل هذه خطوة صحيحة؟
ساعدوني، فحياتي تضيع مني!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فباطلاعي على رسالتك وتفحصها بصورة دقيقة جدًّا وصلتُ إلى استنتاج أنك تعاني من ثلاثة أمور:
1) لديك درجة من الخجل كما ذكرت وتفضلت.
2) لديك أيضًا درجة بسيطة إلى متوسطة من الرهاب الاجتماعي.
3) لديك – أسأل الله تعالى أن يكون – درجة من الحياء، فالحياء شطر من الإيمان.
بالنسبة للخجل الذي تعاني منه: مكوّن الرهاب فيه واضح جدًّا، وهذا أعطاك الشعور السلبي أنك مراقب من قبل الآخرين، وأنهم يسخرون منك! هذا الأمر ليس صحيحًا.
الذي لاحظته أن رسالتك رسالة مرتبة ومنسقة وواضحة جدًّا، وهذا دليل على مقدراتك، وهذه المقدرات لم تكتسبها إلا من خلال التفاعل مع الآخرين، فأنا أريدك أن تعيد تقييم نفسك.
أنت مقتدر، أنت يمكن أن تتفاعل مع الآخرين، وأنت بالفعل تتفاعل لكن دائمًا يُبنى لديك شعور سلبي عن ذاتك، فأرجو أن تفهم ذاتك بصورة أكثر إيجابية.
بالنسبة لتطوير المهارات الاجتماعية هنالك أمور مهمة جدًّا:
أولاً أبسط مهارة هي أن تتعلم كيف تسلم على الآخرين، إذا كانوا من أهل بيتك أو خارج البيت، هذا أمر ضروري ومهم وفيه خير كثير جدًّا، فكن دائمًا أنت المبادر للسلام، وحين يسلم عليك الآخرون قم برد التحية بما هو أفضل منها، واعرف أن تبسمك في وجه إخوانك صدقة، وأهل بيتك أولى بذلك.
انظر إلى الناس في وجوههم وتحديدًا إلى أعينهم، هذه خطوة مهمة جدًّا.
الخطوة العملية الأخرى هي: أن تعرض نفسك للمواقف الاجتماعية التي تحس فيها بفقدان الطمأنينة، أو تحس فيها بأنك فعلاً محط مراقبة الآخرين، وفي نفس الوقت تقوم بتحقير الفكرة، قل لنفسك: أنا لستُ مراقبًا، أنا لستُ بأقل من الآخرين، هم بشر وأنا بشر، فلماذا أخاف؟ لماذا أقلق؟ لماذا أخجل؟ لماذا لا أكون مثل الآخرين؟!
تمرين آخر مهم، وهو: أن تضع شخصًا معينًا نموذجًا في حياتك، وتتخذ هذا النموذج قدوة حقيقية وتتمثل به، في كلامه، في خطواته، إذا كان مثلاً إمام المسجد أو أحد المعلمين أو أحد القدوات، المهم لا أقول لك تتقمص شخصيته تقمصًا كاملاً، هذا ليس ممكنًا، لكن اتخذ نفس خطواته وقل لنفسك لماذا لا أكون مثلهم.
هنالك مفهوم مهم جدًّا يجب أن تعرفه، وهو أن أهل بيتك هم أقرب الناس إليك، وهم أحب الناس إليك، فلماذا تخجل منهم؟ أنت ذهبت إلى المدارس، ذهبت إلى الجامعات وتفاعلت مع الآخرين، فأولى أن يكون هذا التفاعل في داخل البيت، إذن الأمر كله يتعلق بتغيير المفاهيم.
هنالك خطوات سلوكية مهمة جدًّا سوف تفيدك كثيرًا:
أولها: أن تمارس الرياضة الجماعية، اذهب مع أصدقائك، زملائك في الحي، زملائك في الدراسة – أيًّا ما تختار – مارس معهم كرة القدم، أو كرة السلة، وهذه الرياضات الجماعية تعطيك مقدرة قوية وفظيعة جدًّا في أن تتفاعل بصورة شعورية وغير شعورية، يعطيك -إن شاء الله- الجرأة والدافع الإيجابي لأن يقل عندك الخجل وكذلك الرهاب الاجتماعي، هذا أمر مهم جدًّا.
الصلاة في المسجد في الصف الأول، هي من أفضل الوسائل التي تزيل الخجل، وكذلك الخوف الاجتماعي، وحين تصلي في الصف الأول تصور أنك قد تنوب عن الإمام إذا حدث للإمام شيء، سوف تخلفه أنت، عش هذا الشعور.
حضور حلقات التلاوة فيها خير كثير جدًّا للإنسان، هذه الحلقات تحفها الملائكة وتغشاها الرحمة، وأنت تجلس مع مجموعة من الإخوة لن يتجرأ منهم أحد على أن يستهزئ بك أو يستخف بك، لا مجال لمثل هذه الأفكار أو المشاعر في مثل هذه الحِلق، فأقدم على ذلك.
انضمامك للعمل الخيري سوف يساعدك كثيرًا، هذه كلها خطوات عملية سلوكية، سوف تعطيك الثقة في نفسك.
أنت أيضًا في حاجة لعلاج دوائي، وأفضل دواء يساعدك هو العقار الذي يعرف تجاريًا باسم (لسترال) أو يعرف تجاريًا باسم (زولفت) ويعرف علميًا باسم (سيرترالين) وهو متوفر في اليمن، ابدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا، تناولها ليلاً بعد الأكل، وبعد شهر اجعل هذه الجرعة حبتين يوميًا – أي مائة مليجرام – يوميًا، تناولها ليلاً بعد الأكل، واستمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة ليلاً واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذه الوصفة العلاجية لك، وأنا على ثقة تامة أنه باتباعك للإرشادات السلوكية وتناولك للعلاج سوف تتغير تغيرًا تدريجيًا إيجابيًا مفيدًا.
بالطبع أنا دعوتك لأن تخرج من البيت، وقد أوضحت الأماكن التي تذهب إليها، الخوف من الناس يجب أن يُحقّر، ويجب أن تتجاهله.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.