الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرهاب الاجتماعي حال دون نجاحي في عملي، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من الرهاب الاجتماعي، ولا أحب التجمعات، وحينما يسألني أي شخص: هل من شيء؟ يحمر وجهي وملامحي تتغير، ولا أعرف الرد.

وظيفتي تحتم علي التواصل مع الناس، وأنا أعمل منذ فترة بهذه الوظيفة، في بعض الأوقات تسير الأمور بشكل جيد، وأحيانًا لا، وأفكر كثيرًا بترك العمل والجلوس في البيت، علمًا أني بنفس الوضع حينما أكون بالتجمعات الخارجية -خارج العمل-.

علمًا لو كان هناك اجتماع في العمل، أو لجنة ستأتي للعمل، أتهرب بقدر استطاعتي، ولا أحضر، ولو أني حضرت للاجتماع أكون صامتة، وضربات قلبي سريعة، والكل لاحظ عدم مشاركتي بالاجتماعات، وأثّر ذلك علي في العمل، وتركيزي عالٍ على نفسيتي، فلو كان هناك زيارة لشخصية مهمة أو لجنة في العمل، أسمعهم وهم يقولون: أرجو المشاركة من الجميع ولا نريد التزام الصمت، وفي الغالب هذا الكلام يكون موجهًا لي، فأتوتر كثيرًا، ولو سألني أي شخص حول أي شيء، أظل متوترة.

أصبحت أكره حياتي، ولا أحب التعامل مع الناس، ولا أعلم ما هو الحل غير ترك العمل؟ علمًا أنها كانت وظيفة أحلامي، والعديد من الناس يتمنون وظيفتي، وأنا عاجزة عن التفوق والإنجاز!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في موقع إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.

أولًا: أحمد الله تعالى لك على أن أعانك على تحقيق الحلم الذي كنت تتطلعين إليه، فالحمد لله تعالى على هذا، ولا شك أن هذا الإنجاز يدل على إمكاناتك وقدراتك، وصبرك حتى وصلت إلى ما وصلت إليه.

المشكلة أنك -كما ذكرت- تعانين من الرهاب الاجتماعي، على شكل الارتباك عند الحديث أمام الآخرين، سواء كان اجتماعًا للمدرسين، أو تقديم المحاضرة للطلاب، أو غيرها، المشكلة أنك في الفترة الماضية كنت تتهربين وتتجنبين مواجهة هذه المواقف، هذا التجنب هو لب المشكلة، حيث إن هذا التجنب يحرمك من إمكانية الاعتياد على مثل هذه التجمعات، وهذه المواجهة، دون ارتباك ودون خفقان للقلب.

عكس التجنب هو الإقدام والمواجهة، لذلك لا أنصحك أن تتركي هذا العمل وتجلسي في البيت، ثم ماذا بعد هذا؟ هل المطلوب البقاء في البيت؟ وقد أعطاك الله تعالى فرصة العلم والتعلم، فأرجو أن تعدلي عن هذا القرار (الهروب) وتصرفيه عن ذهنك، وأن تركزي على علاج لب الموضوع، وهو الرهاب الاجتماعي.

وعلاجه أحد احتمالين: إما العلاج السلوكي عن طريق المواجهة، فكل اجتماع تدعين إليه هو فرصة للعلاج، فاحرصي على عدم التجنب وإنما حضوره، وإن كان في البداية مقلقًا ومزعجًا لك، ولكنك مع الوقت ستعتادين على هذا، بل ستأتين في أيام ستضحكين فيها، وتتعجبين كيف أنك كنت تخافين وترتبكين من مثل هذه الاجتماعات البسيطة؟

إن مما يعينك -أختي الفاضلة- أن الناس في مثل هذه الاجتماعات كل مشغول بنفسه، ولست أنت محط اهتمامهم، أو تركيزهم، ولعل هذه الفكرة تخفف عنك بعض القلق.

الاحتمال الثاني: هو العلاج الدوائي، فهناك بعض الأدوية اللطيفة البسيطة، التي تخفف من الرهاب الاجتماعي، سواء تخفف الأعراض البدنية، مثل: دواء البروبراننول 10 مليجرام، قبل الاجتماع بساعة، يمكن أن يخفي هذه الأعراض البدنية، أو أحد الأدوية المضادة للرهاب الاجتماعي، وهي عادة مضادة للاكتئاب. أيضًا يمكنك أن تجربي كلا الأمرين معًا العلاج الدوائي، والعلاج السلوكي بالمواجهة، كل هذا -وخاصة العلاج الدوائي-، يجب أن يكون تحت إشراف الطبيب النفسي، ليقوم بفحص الحالة النفسية، وتأكيد التشخيص، ومن ثم وضع الخطة العلاجية.

أدعو الله تعالى أن يكتب لك تمام الصحة والعافية، وأن ينزل على قلبك الهدوء والسكينة لتتابعي عملك النبيل في تعليم الأجيال المقبلة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً