الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أغار على صديقتي فابتعدت عن صديقاتها لأجلي، فهل أخطأت بذلك؟

السؤال

تعرفت على صديقة لطيفة، وأحببتها كثيرًا، وهي أيضًا أحبّتني وتعتبرني من أهم الناس في حياتها، لكن المشكلة أن هذه الصديقة كانت لها صديقة أخرى، وكنت أشعر بغيرة قوية جدًا، فبدأت تبتعد شيئًا فشيئًا عن صديقتها؛ لأنها لم تكن تحب رؤية قلقي، ومع مرور الوقت، أصبحت كل شيء بالنسبة لها، وابتعدت عن كل أصدقائها بإرادتها؛ لأنها علمت أنني صديقتها الحقيقية.

سؤالي هو: هل أحاسب على غيرتي من صديقتي؟ وهل ابتعادها عن أصدقائها بسببي يجعلني مسؤولة عن ذلك؟ أم أن هذا شيء عادي؟ أتمنى إجابتكم في أسرع وقت، وشكرًا لكم كثيرًا على مجهوداتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يؤلف القلوب، وأن يغفر الزلات والذنوب.

أرجو أن تعلمِي بداية، وتعلم الصديقة والصديقات، أن الصداقة الحق هي التي تقوم على تقوى من الله ورضوان، وهي الصداقة التي تقوم على النصح في الله، والتناصح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، وكل صداقة ليس فيها هذا المعنى، ستنقلب إلى عداوة، كما قال الله تعالى: (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين)، فاجعلي صداقتك مع الصديقة المذكورة في الله، وبالله، ولله، وعلى مراد الله.

ثم علينا أن ندرك أن من مصلحة الفتاة أن يكون لها أكثر من صديقة؛ لأننا إذا جعلنا المعيار هو الصلاح، فالصالحات كثر، وبلا شك ستكون هناك صديقة مقربة، ولا ذنب لك إذا اختارت الصديقة أن تكون معك، واخترتِ أن تكوني معها، شريطة أن لا يتبع ذلك غيبة، أو نميمة، أو ذكر عيوب الأخريات.

أما كون الصديقة تركت صديقتها وجاءت لأخرى، فهذا الأمر يرجع إليها؛ لأن الفتاة بعد الصداقة، تعرف من هي الأقرب، من هي الأصدق؟ من هي التي لها مواقف معها؟ فإن الصداقة تبدأ بمعرفة عادية، ثم تتوسع بحسب الصفات الجميلة، حسب المواقف التي تحصل بين الصديقتين.

فإذًا: لا تحملي هذا الهم، ولكن تجنبي اغتياب الأخريات وذكرهن بالسوء، وقومي بما عليك، وأيضاً بالنسبة لك ولها، من المصلحة أن تحافظوا على شعرة العلاقة، كما قال معاوية: لو كان بيني وبين ناس شعرة ما قطعتها.

وهذا دليل على أن الإنسان بحاجة إلى أن يكون عنده تواصل مع الآخرين، والإنسان في تعامله مع من حوله ينبغي أن يعامل الناس حسب حاجته لهم، بعض الناس يعامل على أنه غذاء، والغذاء يحتاجه في أوقات، بعضهم يعامل على أنه دواء، والدواء يحتاجه عند الحاجة، وبعضهم يشبه الهواء فهو لا يستغني عنه أبدًا، وبعضهم كأنه داء ينبغي أن يبتعد عنه.

والشريعة دائمًا تمدح المؤمنة التي تخالط وتصبر، فهي خير من المؤمنة التي لا تخالط ولا تصبر، فإبقاء شعرة العلاقة -التي أشرنا إليها- حد السلام، في حد الكلام مع الزميلات والصديقات، هذا فيه خير كثير، مع إرادة الخير لهن، ونسأل الله أن يؤلف القلوب، وأن يغفر الزلات والذنوب.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً