الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دعت جدتي على والدي فأصيب بالمرض، فماذا نفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حالة والدي الصحية حرجة جدًا، وأظهرت الفحوصات أنه في آخر مرحلة من مراحل مرض الزهايمر، وذلك منذ 15 يومًا، تدهورت حالته كثيرًا، فهو يدخل في نوبات وكأنه يحتضر، وجسمه يبرد، وضربات القلب تصل إلى 150، ومستوى الأكسجين في الدم يصل إلى 28، وتستمر الحالة عدة ساعات، ثم تستقر تدريجيًا، وحاليا هو في حالة غيبوبة.

قررنا إحضار راقٍ شرعي حتى نخفف عنه قليلًا، فأخبرنا أن والدي مسحور بسحر مأكول، وأكد كلامه اثنان من الرقاة.

أرجو منكم النصح، علماً أن جدتي دعت على والدي بسبب المشاكل قبل وفاتها -رحمها الله-، فماذا أفعل حتى أخفف على والدي؟ فأنا تحت تأثير الصدمة، وعذرًا على ركاكة التعبير.

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هاجر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب.

نشكر لك تواصلك مع الموقع، وكما نشكر لك حرصك على الإحسان إلى والدك والقيام ببرِّه، والحرص على ما يُسهّل أموره، ونسأل الله تعالى أن يجزيك بذلك العمل خيرًا، وأن يلطف بوالدك، ويكتب له خاتمة الخير.

ما تظنينه -أختنا العزيزة- من أن والدك بحاجة إلى رقية شرعية بسبب الإصابة بالسحر، هذا الظنّ أوهام، وننصحكم بأن لا تستسلموا لها، وألَّا تُصدقوا كل ما يُقال من قِبل بعض الرقاة الذين يسترزقون بهذه المهنة، والذين جُرِّب على كثيرٍ منهم الادعاء بما ليس له حقيقة، وربما الكذب في أحيانٍ كثيرة.

فنصيحتنا لكم: ألَّا تستسلموا لهذه الأوهام، وما يحصل لوالدك من هذه الأعراض التي ذكرتِها قد تكون أعراضًا طبيعية بسبب الحالة الصحية التي هو فيها، لذا ننصحكم بأن تُراجعوا الأطباء الحاذقين الماهرين، لمعرفة حقيقة ما يتعرّض له والدكم من الآفات والأمراض، وإعانته على التداوي، فـ "ما أنزل الله من داءٍ إلَّا وأنزل له دواء".

أمَّا الرقية الشرعية فإنها إذا كانت رقية ملتزمة بالضوابط الشرعية، أي بكونها آياتٍ من كتاب الله تعالى، أو أحاديث عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أدعيته المشهورة المعروفة، أو بدعاء آخر غير القرآن أو السُّنّة لكنه دعاء معروف واضح الكلمات، فالرقية بهذا المحتوى، مع اعتقاد أنه لا ينفع إلَّا الله، ولا يضرّ إلَّا الله، وأن الرقية مجرد سبب. إذا حصلت الرقية منضبطة بهذه الضوابط؛ فإنها مجرد دعاء، ينفع ولا يضر، فإذا أكثرتم من هذه الرقية لوالدكم فإنها خير، ولكن لا بد مع ذلك من التداوي والأخذ بالأسباب الحسِّية، فـ (ما أنزل الله من داء إلَّا أنزل له دواء، علمه من علمه وجهله من جهله) كما قال النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-.

فلا تستسلموا لهذه الأوهام التي أخبركم بها هذا الراقي، وأن والدكم مُصابٌ بسحرٍ مأكول، وداوموا على هذه الرُّقى بالأدعية المأثورة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقراءة آيات القرآن الكريم كسورة الفاتحة، وآية الكرسي، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، وسورة الإخلاص {قل هو الله أحد}، وسورتي الفلق والناس {قل أعوذ برب الفلق}، و{قل أعوذ برب الناس}، والآيات التي فيها إبطال السحر من القرآن الكريم، لو قرأتموها فإنه خيرٌ على خيرٍ، وهذا يكفي -بإذن الله تعالى-.

وأمَّا دعاء جدتك على ابنها -والدك-، فإن الدعاء قد يُقبل وقد لا يُقبل، فهو أمر غيبي، فلا ينبغي أن تُعلِّقوا أيضًا ما يُصاب به والدكم على مجرد هذا الدعاء؛ فأنتم مأمورون بالأخذ بالأسباب المشروعة، وهي التداوي، وأكثروا من الدعاء لوالدكم بأن يشفيه الله، وأن يختم له بخاتمة الخير.

نسأل الله سبحان وتعالى أن يكتب لنا ولكم الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً