الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف والإحساس بقرب الموت.. ما تشخيص ذلك وعلاجه؟

السؤال

السلام عليكم.

كانت الساعة 3 صباحًا حين أحسست بقرب الله وكأنه كان معي، ومن شدة خوفي بدأت أستغفر، وبعدها أحسست بأني سأموت، فصرخت بشدة وأيقظت الجميع، كنت أرتجف من الخوف وأبكي، وأول شيء فعلته هو الوضوء، ثم أردت بشدة قراءة القرآن، ثم بعد ساعات نمت.

الآن لدي خوف وإحساس بضيق في الصدر، وخاصةً عندما أنام وحدي، كما أنني كنت أصلي الفجر في يوم وشعرت بخدر في عضلات ظهري ويدي، لا أدري ما سببه؟ وقد قمت بعمل الرقية، وتكرار بعض السور القرآنية، ولكن ذلك كان مزعجًا لي، ودائمًا ما أرى في منامي أشياء مرعبة، فأستيقظ كارهةً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ياسمين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية.

الذي حدث لك بعد الإحساس الذي أتاك -بالقرب من الله تعالى وهذا إحساسٌ جميل- هو أنه غالبًا حدثت لك نوبة هلع أو فزع، وهو نوع من الرهاب الحاد جدًّا، الذي يشغل الإنسان، والذي يُشعر الإنسان كأن الموت قد أوشك، أو المنية قد قربت، والبعض يأتيه الشعور بالموت، وطبعًا لا أحد يعرف الشعور بالموت، ولكن كثيرًا من الذين يمرُّون بنوبات الهلع والفزع حين نلتقي بهم، ونناظرهم، ونسألهم عن الشعور هذا، يُفيدوننا بأن الواحد منهم قد شعر بالموت حقًّا وحقيقةً.

هذه الظاهرة ظاهرة نفسية معروفة، وليس أكثر من ذلك، وهي نوع من القلق النفسي الحاد.

ربما كنت في تلك الليلة مُجهدةً جسديًّا، أو نفسيًّا، أو كنت مشغولةً بشيءٍ ما على مستوى العقل الباطني؛ لذا حصلتْ لك هذه النوبة، والشعور بالخوف، وضيق الصدر الذي يأتيك هو ناتج من القلق والتوتر الداخلي؛ فالتوتر النفسي الداخلي يُؤدي إلى توتر عضلي، وهذا التوتر العضلي يؤدي إلى انقباضات على مستوى القفص الصدري؛ ممَّا يجعل الإنسان يحس بالضيق، أو الشعور بالكتمة، أو ضيقٍ في النفس كما يصفه البعض، وطبعًا يكون هنالك إحساس شديدٍ بالخوف، وعدم الطمأنينة.

طبعًا موضوع أنك حين تقومين بتكرار السور القرآنية تنزعجين أكثر في صدرك: هذه أيضًا ظاهرة معروفة؛ لأن الإنسان حين يكون قريبًا من ربه تزداد مشاعره السابقة، وهذا معروف تمامًا، وقد يأتي شعور بالخوف، وقد يأتي الشعور بالضيق، لكن بعد ذلك تُبسط السرائر، ويحسُّ الإنسان بالراحة، والطمأنينة، والانشراحٍ -إن شاء الله تعالى-.

فالظاهرة من الناحية النفسية معروفة جدًّا، وهي ليست قلّةً في إيمانك أبدًا، أو اضطراباً في شخصيتك، لا، فالحالة هي حالة قلق نفسي، وليس أكثر من ذلك، والذي أرجوه منك هو:

- أن تتجاهلي تمامًا هذه الظاهرة.
- وأن تتجنبي الإجهاد النفسي والجسدي، وخاصةً قبل النوم.
- وأن تتجنبي السهر تمامًا.
- وألا تتناولي طعام العشاء في وقتٍ متأخّرٍ؛ لأن هذا أيضًا له أثر سلبي فيما يتعلق بالإصابة بنوبات الهلع.
- وألا تتناولي الأطعمة الدسمة.
- كما أن تجنب الكافيين -والذي يُوجد في القهوة، والشاي، والبيبسي، والكولا- بعد الساعة الخامسة مساءً؛ سيكونُ أمرًا جيدًا.
- ويجب ألَا تنامي نهارًا.

- ويجب أن تطبقي تمارين الاسترخاء (2136015)، وتمارين التنفس المتدرجة، وتمارين شد مجموعة من العضلات في الجسم (كاليدين، وكالساقين، وكالفخذين، والجسد كلِّه) ثم بسطها وإطلاقها، وهي تمارين مفيدة جدًّا، وتوجد برامج ممتازة كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.

هذا كله -إن شاء الله تعالى- سيفيدك، وطبعًا يجب أن تكوني حريصةً على أذكار النوم، وأذكار الصباح والمساء، ويجب أن تكون الصلاة على وقتها، ويجب أن يكون لك ورد قرآني، ويجب أن تُحسني تنظيم وقتك.

وأنا أنصحك بالدراسة في فترة الصباح؛ وذلك بأن تنامي مبكّرًا، وتستيقظي مبكّرًا، وتؤدي صلاة الفجر، ولو درست بعد الصلاة لمدة نصف ساعة إلى ساعة قبل الذهاب إلى الجامعة، فهذا سيكونُ له أثر إيجابي كبير على تحصيلك العلمي، وكذلك أثر إيجابي عظيم على صحتك النفسية والجسدية.

هنالك دواء بسيط ننصحك به أيضًا من باب تكملة الرزمة العلاجية، الدواء يُعرف باسم (سيبرالكس) هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري هو (اسيتالوبرام)، يمكنك تناوله أيضًا فهو مفيد لك، وخاصةً أنه غير إدماني، وغير تعوّدي، ولا يُؤثّر على الهرمونات النسائية، وأنت تحتاجين له بجرعة صغيرة.

والجرعة هي أن تبدئي بنصف حبة -أي خمسة مليجرام من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام-، تتناولينها يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعلي الجرعة حبةً واحدةً -أي عشرة مليجرام- يوميًا لمدة شهرين، ثم أنقصيها إلى خمسة مليجرام يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيام أخرى، ثم تتوقفين عن تناول الدواء.

هذا هو الذي سيفيدك -بحول الله وقوته-، ونشكر لك ثقتك في استشارات إسلام ويب والعاملين بها.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً