الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المشاعر السلبية أضعفت علاقتي بالآخرين، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عندما كنت في المدرسة الابتدائية كنت أُصاب بمشاعر غريبة ومؤلمة، مشاعر تعتبر مزيجًا من الدونية، واختلال الأنيَّة، مثل: الشعور بالإحباط، واليأس، وإلقاء اللوم على نفسي، وأشعر عندما أعود للمنزل بألم في كل جسمي، وهذا الشعور يكون قهريًا، ويستمر لمدة يومين أو أقل حسب مدى معرفة الشخص، حتى كرهت الخروج.

لا أعرف، ماذا يعتبر هذا الشعور؟ هناك خطوات أربع لعلاج الوسواس القهري، فهل تفيد في علاج حالتي؟ ولدي رهاب اجتماعي، وعلاقتي مع المحيط الخارجي ضعيفة؛ لأن أغلبهم غير محترمين.

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا على استشارتك والرسالة التي اطلعتُ عليها، والتي ذكرتَ فيها أن لديك رهابًا اجتماعيًا، ومن ثمَّ ذكرت أنك تعاني أحيانًا من الشعور بمزيج من الدونية، واختلال الأنيَّة، وهذا الشعور بالإحباط، واليأس، وإلقاء اللوم على نفسك، تشعر به حين تخرج من المنزل وتقابل شخصًا كنت تعرفه منذ زمن، وهذا الشعور -بحسب ما ذكرتَ في رسالتك- يكون قهريًّا، ويستمر لفترة تتراوح ما بين يوم ويومين، ويستمر معك كلما خرجت، أو التقيت بأحد من الناس، حتى كرهت الخروج.

الابن الفاضل: الرهاب الاجتماعي هو من الاضطرابات النفسية التي يمكن معالجتها، لذلك حتى بعض المشاعر التي ذكرتها ربما تكون مرتبطة بهذا الرهاب الاجتماعي، مثلًا: مشاعر اختلال الأنيَّة، والإحساس بالإحباط واليأس، وإلقاء اللوم على النفس، كلها قد تأتي مصاحبة للرهاب الاجتماعي، خاصةً عندما تخرج وتلتقي بالآخرين، الضغط النفسي من إحساسك بالرهاب الاجتماعي يجعل هذه الأعراض تحدث بشكل مستمر خلال فترة وجودك بالخارج.

أمَّا عند رجوعك إلى المنزل فعادةً ما يرتبط باجترار ما حدث خلال فترة خروجك من المنزل، وبالتالي تُعيد الأفكار هذه الأحاسيس والمشاعر إلى النفس مرة أخرى، ولذلك في البداية -حسب رأيي- هي معالجة الرهاب الاجتماعي، أو التأكد أولًا من التشخيص السليم لهذا الرهاب، ومن ثم استخدام التدخلات العلاجية المناسبة التي يمكنك من خلالها التخلص من الرهاب الاجتماعي، وبالتالي سيحدث -إن شاء الله- التخلص من هذه المشاعر المختلفة التي ذكرتها في رسالتك، والتي تحدث أحيانًا بعد رجوعك إلى المنزل.

عمومًا: الرهاب الاجتماعي من اضطرابات القلق المعروفة، والتي من خلالها تحدث الكثير من الأعراض، ويُؤثر الرهاب الاجتماعي على قدرات الإنسان، وعلى حياته اليومية من خلال آثارها، مثل عدم خروجه من المنزل، سواء كان للدراسة أو للعمل، ولذلك لا بد من معالجته.

ذكرت أن هناك ما يُسمّى بالخطوات الأربعة لعلاج الوسواس القهري، وربما يكون الوسواس القهري يستجيب لهذه الخطوات الأربعة، لكن أيضًا هناك خطوات أخرى كثيرة ومصاحبة يمكن اتباعها للتخلص من الرهاب الاجتماعي.

الرهاب الاجتماعي أيضًا يستجيب للتدخلات العلاجية، منها الدوائية، ومنها التدخلات العلاجية النفسية والسلوكية، ومنها أيضًا ما يُركّز على العلاج النفسي الفكري السلوكي، والذي من خلاله يتم تغيير طريقة التفكير السلبي، حتى يتغيّر إلى نمط تفكير إيجابي، ومن خلاله يتم تغيير السلوكيات وتغيير الحالة النفسية والأحاسيس والمشاعر.

لذلك -ابني الفاضل- أتمنى أن تقابل أحد الاستشاريين النفسيين، لمراجعة الحالة، والتأكد من التشخيص السليم، ومن ثم وضع الخطة العلاجية المناسبة للتخلص من أي اضطراب، سواء كان الرهاب الاجتماعي، أو القلق، أو الوسوسة، سواء كانت وساوس فكرية، أو وساوس عملية، والتخلص من هذه الأحاسيس، مثل: الإحساس بالإحباط، واليأس؛ لأن هذه الأحاسيس تؤثر على الحياة اليومية، ولذلك لا بد من التخلص منها حتى تستعيد توازنك في حياتك اليومية.

وختامًا أنصحك أيضًا بمحاولة استصحاب ما هو مهم من الجوانب الروحية في حياتك، كالشعائر الدينية والدعاء والأذكار، والتي تساعدك على التخلص من اضطرابات القلق عمومًا، بما فيها الرهاب والخوف الاجتماعي، قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب).

وفقك الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً