الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في الخيال أكثر من الواقع، فكيف أتخلص من ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة، عمري 17 سنة، منذ صغري وأنا أعاني من الخيال بشكل مفرط، وأتخيل شخصيات الكرتون والأفلام، وأصنع عالمًا كاملًا بعقلي من الخيال، وأتخيل لساعات طويلة وأعتزل الناس، وأكره الخروج لفترة طويلة، ثم أدركت أني ضيعت أيامي وسنواتي في الخيال بلا فائدة.

حاولت التوقف عن الخيال فتولد لدي التفكير الزائد، أفكر وأحدث نفسي طوال الوقت دون توقف، وأمشي في الشارع وأحدث نفسي، حتى وقت الاستحمام والأكل، ولا يمكنني التركيز، وفي لحظات الهدوء أسمع أصواتاً في رأسي وكأني موجودة في تجمع من الناس، أو أتذكر أصواتاً سمعتها في الأفلام، وهذا الشيء لاإرادياً وأعانيه طوال الوقت، ولدي خيالات بأني أشرب علبة الدواء، وأقطع يدي بالسكين، وأقصد أفكاراً حول الموت.

أعاني من الخمول، وأشعر بالفراغ وأبكي، ومهما حاولت الانشغال أنشغل لفترة وبعدها يعود التفكير والضيق.

ماذا أفعل؟ وهل ما أعانيه طبيعي؟ ولو كان طبيعيًا فهل يلازم التفكير الإنسان دون تحكم؟

منذ صغري والشيء الوحيد الموجود برأسي هو الخيال، وكأن روحي عالقة بجسمي، العالم يدور في عقلي بدون تركيز على الواقع، ومهما حاولت أشعر بالضيق وأبكي، وأشعر بالاكتئاب، لا أدري كيف أتصرف وماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حقيقةً قرأتُ سؤالك أكثر من مرّة لِما فيه من بعض الغرابة، ولكن بشكل عامٍ أريدُ أن أقول: أحيانًا الحدّ الفاصل بين ما هو طبيعي وما هو غير طبيعي -كبعض الأمراض النفسية- حدٌّ رقيقٌ أو دقيقٌ جدًّا؛ بحيث يُمكن أن يختلط ما هو طبيعي مع ما هو غير طبيعي.

أختنا: الوضع الطبيعي أن الإنسان عنده قدرة عجيبة على التخيّل؛ فيمكن أن يتخيّل أشخاصاً وأماكن وحواراً وأموراً أخرى، ويمكنه أن ينقطع عن الواقع ويعيش معها؛ إلَّا أن هذا بالشكل الطبيعي يكون لفترة عابرةٍ، وقصيرةٍ جدًّا.

أمَّا الجانب غير الطبيعي: فهو أن يدخل الإنسان في حالة ذُهانية وينفصل تمامًا عن الواقع، فيبدأ بتخيّل أشياء أو أشخاصاً، ويمكن أن يسمع أصواتاً، وهذا واضح بأنك بدأت تسمعين أصواتًا في رأسك؛ فهذا ليس من الأمور الطبيعية، فربما -وأقول ربما- قد تجاوز الأمر الحد الطبيعي، وخاصةً أنك في سِّنِّ 17، وفي بعض الأحيان هذه السّن يكون فيها ظهور أعراض الحالات الذُّهانية.

لا أريد أن أستبق أو أشخِّص من خلال استشارة إلكترونية، ومن خلال سؤالك هذا؛ فالاستشارة تبقى استشارة عن بُعد، ولكن أنصحك أن تُراجعي أحد الأطباء، ليس بالضرورة طبيبًا نفسيًا، وإنما حتى الطبيب العام -طبيب الأسرة- كخطوة أولى؛ لأن من رأى ليس كمن سمع، وهذا الطبيب مهما كان تخصُّصه سيسألُك بعض الأسئلة، ويصل إلى قناعة فيما إذا كان ما تُمارسينه من تخيُّلات وحديث الذَّاتِ أمرٌ طبيعي، أم أنه تجاوز الأمر الطبيعي، وهو بدوره يستطيع أن يُوجّهك إلى الخطوة التالية.

فإذًا ما ورد في سؤالك لا يكفي لتأكيد التشخيص، فلا بد من المعاينة المباشرة من خلال طبيب خبير، يضع التشخيص الدقيق، ثم ينصحك بالخطوة التالية للتخلص من كل هذا، وللبدايةَ بالشعور بالهدوء الذهني والخيالي، ولتُمارسي حياتك بشكل طبيعيٍّ -بإذن الله-.

أدعو الله تعالى لك بتمام الصحة والعافية، وأرجو ألَّا تتأخري أو تترددي في اتخاذ الخطوة الأولى التي ذكرتُها لك، فالتدخُّل المبكّر يُبشّرُ بنتائج أفضل، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً