الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تتردد أمي على عرافة.. كيف نبعدها عنها؟

السؤال

السلام عليكم
نحن عائلة محافظة، تتكون من أبي وأمي وأخ أصغر مني سناً -الحمد لله- أنا وأبي وأمي نصلي، ونحاول قدر الإمكان تطبيق تعاليم ديننا الحنيف.

منذ سنوات عديدة اكتشفنا أن سلوك أمي تغير بشكل كامل، أصبحت تفتعل المشاكل مع كل الناس، وتعتقد أن كل الناس يبطنون الشر، وصل بها الأمر أن قطعت علاقتها بكل إخوانها وأخواتها، ويؤسفني أن أقول إنها لم تحضر جنازة أمها؛ لاعتقادها أنها كانت أماً غير جيدة في تعاملاتها معها، حاولت خاصة أنا وأبي أن نتحدث معها بالمعقول، ولكنها في كل مرة تصدنا ولا تسمعنا، وتكتفي بالقول أننا لا نحبها ولا نفهمها.

قبل سنوات عديدة اكتشف أبي أن أمي تتردد على منزل امرأة يقال عنها أنها عرافة، تتنبأ بالمستقبل، وقد صدمنا جميعاً بالخبر، اكتشفنا أيضاً أن أمي تنفق أموالاً طائلةً على هذه المرأة منذ سنوات، فقررنا أن نواجهها، وأن نفتح الموضوع معها، ولم يكن أمراً هيناً علينا، بعد جهد جهيد وعدتنا أن تقطع هذه العلاقة، بشرط أن ننتقل إلى منزل جديد في حي جديد، وافق أبي على هذا.

قبل شهر تقريب فاتحت أبي وأمي بموضوع بنت أردت خطبتها، هذه البنت اعتقدت أنها ستكون خير زوجة لي لخلقها ودينها وسماحة أخلاقها، لكنني كنت متردداً للحديث مع والدي لأنها مطلقة، ردة فعل أبي كانت إيجابية، خاصة عندما عرف عائلة البنت؛ لكن أمي رفضت رفضاً قاطعاً، واستعملت ألفاظاً نابية ومشينةً في حق البنت، وهذا ما آلمني كثيراً.

بعد ذلك وقبل بضعة أيام اكتشفت أن أمي عادت لزيارة تلك المرأة، وأعتقد أن هذا ليس بالجديد، بل منذ مدة، وهذا لتغير سلوكها منذ فترة.

أريد أن أعرف كيف أتصرف مع أمي في موضوع المرأة؟ وفي موضوع البنت؟ وكيف أنصح أبي؟ وكيف أنصح أخي؟

ِشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ابننا الفاضل - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على مصلحة الوالدة، والحرص على صلتها لرحمها، ونسأل الله أن يرحم الجدة ويرحم أمواتنا وأموات المسلمين، وأن يهدينا جميعًا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

وأرجو أن نعلم بدايةً أن علاقة الوالدة بالعرّافة هي أمر مرفوض، حتى ولو لم يكن له أثر؛ لأن النبي (ﷺ) يُحذّر فيقول: (من أتى كاهنًا أو عرّافًا أو ساحرًا فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) عياذًا بالله. أمَّا الذي يأتي فيقول (أجرّب) هذا لن تُقبل له صلاة أربعين ليلة.

ونسأل الله أن يُعينكم على إقناع الوالدة، وإبعادها عن المرأة المذكورة، التي ثبت عندكم أنها عرّافة، وهذا بلا شك له علاقة بما يحصل للوالدة وما يحصل منها، وربما حالتها النفسية التي ذكرتها من سوء الظن بالناس هو الذي دفعها للجوء لهؤلاء المشعوذين، ومن ثم كبرت المشكلة، وهنا يمكن الاستعانة أيضاً بالطب النفسي؛ حيث إن هذه الحالات قد تكون نفسية تحتاج إلى علاج نفسي وسلوكي؛ لذا الأمر يحتاج إلى تظافر كل العلاجات: العلاج الإسلامي بنصحها بأسلوب حسن، بالقرب من الله عالم الغيب والشهادة، ومعرفة أسمائه وصفاته سبحانه، والإقبال عليه بالمحافظة على الصلاة وحسن التوكل عليه، وأيضاً العلاج النفسي عند الأخصائيين النفسيين.

الأمر الثاني: إذا كانت الفتاة المذكورة صالحة وعلى دين وخُلق والوالد رضي أخلاقها وأخلاق أهلها فلا مانع من إكمال المشوار، وأرجو أن تجد من الخالات والعمّات مَن يتمكّنوا من إقناع الوالدة، وإلَّا فهذه الأمور الأساس فيها هو رأي الوالد، ورأيك أنت، أنت صاحب المصلحة؛ لأن الأم قد يكون دافعها لهذا الرفض الغيرة، أو غير ذلك من الأمور، والعبرة بصلاح الفتاة وأخلاقها، ليس لكونها مطلقة أو كذا، ثم بصلاح أهلها؛ لأن الزواج ليس بين شاب وفتاة، لكنه علاقة بين أسرتين وبين بيتين، ونتمنّى أن تجد معاونة من الوالد في إقناع الوالدة.

وأرجو أن تجتهدوا جميعًا في النصح للوالدة ولأفراد الأسرة، ومن المهم جدًّا أن تحاول أن تُشرك الخالات والعمّات، حتى تتعاونوا جميعًا في إقناع الوالدة وتخفيف حدة رفضها، لكن من الناحية الشرعية طبعًا العبرة برأيك أنت وبصلاح الفتاة، والعبرة بكلام الوالد أو الوالدة إنما يكون إذا كان رفضهم لاعتبارات شرعية واضحة، أمَّا إذا كان الرفض لمجرد الرفض فإن أثره لن يكون كبيرًا عليك من الناحية الشرعية.

نسأل الله أن يُعينك على الخير، ونتمنّى أن تنجح في إقناع الوالدة حتى تؤسس حياة زوجية على وفاق، تستطيع معه أن تقوم بواجباتك تجاه الوالدة - وهي واجبات كبيرة - وبواجباتك تجاه الزوجة؛ لأن الشرع الذي يأمرك بالإحسان إلى الزوجة هو الشرع الذي يأمرك ببر الوالدة وإكرامها والإحسان إليها.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة