السؤال
تزوجت منذ شهرين، ليس بيننا أطفال بعد، وزوجي لا يقرأ القرآن، وعندما أحثه على ذلك أو أن يقرأ الكهف يوم الجمعة لا يستمع لي، ماذا أفعل؟ ليس هناك تكافؤ ديني بيننا، أنا حافظة لكتاب الله، ومجازة وحريصة على القراءة والمداومة، هل أطلب الطلاق منه؟
تزوجت منذ شهرين، ليس بيننا أطفال بعد، وزوجي لا يقرأ القرآن، وعندما أحثه على ذلك أو أن يقرأ الكهف يوم الجمعة لا يستمع لي، ماذا أفعل؟ ليس هناك تكافؤ ديني بيننا، أنا حافظة لكتاب الله، ومجازة وحريصة على القراءة والمداومة، هل أطلب الطلاق منه؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ندى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحباً بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.
أختي الفاضلة، من أجل تحقيق التوافق بين الزوجين شرع الإسلام فترةً للتعارف وفهم الطرف الآخر- وفق الضوابط الشرعية- وهي ما تسمى بالخِطبة، وفيها يعرف كل طرف نقاط الاتفاق والاختلاف والتكافؤ ونحوه، وهذا ضمان من الشرع حتى لا يقع مثل هذا الخلاف بعد حدوث الزواج، ويؤدي إلى تصدع الأسرة وذهاب السكن والمودة والرحمة فيها.
أختي الفاضلة - وفقك الله - مسألة التكافؤ الديني تكون عند الاختلاف في أصل الإسلام، أو في أركانه وواجباته، لا في فضائل الأعمال والنوافل، فمن أقام الواجبات وأدى الفرائض ولم يقترف الكبائر فهذا صاحب الدين، الذي قال فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض) أما ما زاد عن الفرائض والواجبات فهي من فضائل الأعمال والنوافل، وهي ساحة للسباق والمنافسة والزيادة والنقص.
مما سبق- أختي الفاضلة- يتبين لك أن قراءة القرآن والمحافظة على الورد من التلاوة كلها من فضائل الأعمال، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- شبه المؤمن الذي لا يقرأ القرآن بالتمرة التي لا ريح لها وطعمها حلو، فرغم أنه لا يقرأ القرآن إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم عده مؤمناً، فقال -صلى الله عليه وسلم- (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة: ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة: لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة: ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة: ليس لها ريح وطعمها مر) والمعنى أن المؤمن الذي لا يقرأ القرآن لا يظهر عليه سيما الصلاح وظاهر الخير للآخرين، ولكن قلبه مليء بالإيمان بالله تعالى، وهذا النقص ينبغي للمؤمن أن يسعى لإكماله ولكنه نقص ليس في أصل الإيمان وأساسه.
أختي: لا ينبغي أن يكون طلب الفراق والطلاق وحل الميثاق الغليظ بين الزوجين إلا لسبب يستحق، وبعد استفراغ كل الوسائل الشرعية للإصلاح، فقد قال رسول الله صلى لله عليه وسلم: (أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة) وهذه عقوبة شديدة في الآخرة، والبأس المقصود به هنا ما يتحقق به الضرر في نفسها ودينها بسبب هذا الزوج، ولا يمكن دفعة إلا بالفراق.
كذلك -أختي- لا ينبغي الدخول في مشروع الزواج ثم الخروج منه بهذه السرعة وهذه السهولة، لمجرد التقصير في بعض فضائل الأعمال والنوافل، فما دام الحب قائماً بين الزوجين والمودة حاصلة، وأساسيات الدين متحققة، والنقص والتقصير في فضائل الأعمال، فلا يسمى هذا عدم تكافؤ، ويزيد تأكيد ذلك إن كان هذا الزوج حسن الخلق، محافظاً على الفرائض والواجبات تاركاً للمحرمات والكبائر، مؤدياً لواجبه كزوج من كل النواحي، فوجود قصور أو نقص يمكن أن يتم مناصحته وتعليمه، وإرشاده إليها، فإن لم يفعل فليس مطالباً شرعاً بها ليستقيم الزواج، ويحدث التكافؤ، وإنما ذلك اختلاف وتفاوت في الهمة والعزيمة في العمل الصالح.
لذلك إن كان مجرد عدم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة أو عدم قراءته للقرآن عموماً، لكنه محافظ على الصلاة، وحسن الخلق معك، ولا يقع في الكبائر والمحرمات، فهذا السبب لا يكفي للقول إن هناك عدم تكافؤ، ولا يرتقي لطلب الطلاق.
أخيراً، ننصحك - أختي الفاضلة - أن تبادري بنصح هذا الزوج وترغيبه بالحُسنى، فأنت حافظة لكتاب الله، ولا بد من أن تكوني داعية إلى الله بالحسنى والكلمة الطيبة، عملاً بما تحفظين من قوله تعالى: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين)، فبادري إلى نصح الزوج وترغيبه في تلك الفضائل، ويمكن أن تطلبي ممن تثقين بهم من الأقربين أو العلماء نصحه، وتوجيهه لفعل هذه الفضائل إن كان يتركها بشكل مستمر ودائم، دون أي عذر أو سبب.
كذلك ننصحك بحسن العشرة لهذا الزوج، وإظهار الحب والمودة له، فقبول النصيحة والاستجابة تكون أقرب للقلب ممن يحبهم ويشعر بحسن أخلاقهم وتعاملهم، فالإحسان يأسر القلوب، ولا تنسي الدعاء لزوجك بالخير، وأن الله يعينه على الإكثار من الصالحات.
أسأل الله أن يوفقك للخير ، وأن يعينك على إصلاح بنفسك وبيتك.