الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من التردد والخوف في كل شيء، فكيف أتزوج؟

السؤال

السلام عليكم.

أسعد الله أوقاتكم بكل خير ومودة.

أنا شاب بالثلاثين من عمري، عندي بعض التردد والخوف من كل جديد في حياتي لم أعتد عليه، مثلاً إذا نقلت في العمل من إدارة إلى إدارة يصيبني هذا الخوف والقلق والتوتر، أو إذا جاء ‏مسؤول إلى العمل، ولكن أقدم على هذا وأكسر هذا الخوف كمواجهة المسؤول، والارتياح من هذا الخوف والقلق، وكذلك أخاف من المرتفعات والسفر.

الآن أريد الزواج ومتردد وخائف من الفشل، وكل من يفتح معي موضوع الزواج أرتبك وأتلعثم، وأشعر بخفقان وتعرق الوجه، وأعلم أن كل هذا مجرد وهم، وأعلم أني سليم معافى من كل شيء -والحمد لله-، ولكن أحس بضيق إذا سألوني عن الزواج أو أي شيء يتعلق بالزواج، وهاجس الخوف والفشل يراودني، أخاف من فشل العلاقة الزوجية جداً، ما رأيكم بحبوب الإندرال؟

أشكركم على هذا الموقع، أثابكم الله ورزقكم من حيث لا تحتسبون، وكلمة شكرًا لا تكفي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أخي: التردُّد المُخِلّ هو سمة من سمات الشخصية الوسواسية، أو قد يكون مرتبطًا بدرجة بسيطة جدًّا من القلق الوسواسي، وطبعًا القلق في حدِّ ذاته طاقة نفسية مطلوبة، فالذي لا يقلق لا ينجح، وكذلك الوسواس أيضًا له إيجابياته، لأن الذي لا يُوسوس لا ينضبط، لكن حين تخرج هذه الطاقات النفسية الإيجابية من مساراتها الصحيحة أو تتكاسل أو تحتقن هنا تظهر العلّة النفسية الحقيقية.

أخي: أنا أعتقد أن مشكلتك بسيطة -إن شاء الله تعالى-، وكل الذي تحتاجه هو أن تحاول أن تتدارس الأمر الذي تريد أن تَقْدم عليه بشيء من المنطق، وأن تعرف الإيجابيات والسلبيات لكل خطورة تريد أن تخطوها، دون أن تسرف في التفسيرات المعقّدة التي قد تؤدي إلى أفكارٍ مُلحّة ذات طابع وسواسي، وبعد أن تجد نفسك محتارًا بين خيارين مثلاً قم بالاستخارة.

الاستخارة – يا أخي – مهمّة جدًّا إذا فهمها الإنسان على أصولها الصحيحة وطبّقها حسب ما ورد في السُّنّة المطهرة، فالاستخارة تعني أن الإنسان يسأل مَن بيده الخير أن يختار له أمرا ما، فإذا وقع الأمر فهذا يعني أنه خير، وإذا لم يقع فهذا يعني أنه شر ولذا صرفه الله تعالى عنه.

أمَّا ما يقوله بعض الناس أنهم قاموا بالاستخارة وحدثت له مشاعر مُعيّنة؛ لذا لن يقدموا على أمر مُعين، فهذا ليس له أساس، الأساس الصحيح هو أن الأمر إذا وقع هذا يعني هو الخير، وإذا لم يحدث هذا يعني أنه شرٌ قد صرفه الله عن الإنسان.

والإنسان الذي يُطبق الاستخارة بصورة صحيحة ولمرَّات قليلة يجد أن مساره في القدرة على الاختيار قد تحسَّن تمامًا، دون أن يُطبّق الاستخارة في المرات التي تلي.

الأمر الآخر يا أخي هو: أن تعيش الحاضر بقوة، أن تعيش الآن بقوة، لأن الآن أقوى من الماضي وأقوى من الخوف من المستقبل، علِّم نفسك ذلك ودرِّب نفسك على ذلك.

وجدنا أيضًا أن حُسن إدارة الوقت وتجنّب الفراغ الذهني والزمني، وأن يكون الإنسان منضبطًا جدًّا في ترتيب أموره من حيث أنشطته اليومية؛ هذا يُساعد كثيرًا في اتخاذ القرارات.

كما أن وضع الإنسان أهداف له في الحياة أمر مهم، هناك أهداف آنية، وهناك أهداف متوسطة المدى، وهناك أهداف بعيدة المدى، الإنسان حين يضع أهدافه بهذه الكيفية -إن شاء الله تعالى- يجد أنه قد تحسّن كثيرًا، وأن التردُّد لديه قد قلَّ.

أسأل الله تعالى أن يرزقك الزوجة الصالحة وأن يتمّ الزواج. أمَّا بالنسبة للعلاج الدوائي فأنا أقول لك يا أخي: الأفضل لك هو عقار (فافرين/فلوفوكسامين) تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوعين، ثم تجعلها مائة مليجرام ليلاً لمدة أربعة أشهر، ثم خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهرٍ، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً