الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا زلت أعاني من أعراض الرهاب، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا شاب أعزب وبعمر ٢٨ سنة، مشكلتي مع الرهاب الاجتماعي بدأت قبل سن البلوغ بقليل، حدثت لي الكثير من المواقف في المدرسة والجامعة والمسجد، لم أكن أعلم أنها أشياء مَرضية، ومن الممكن أن تعالج، وما زلت إلى الآن أعاني من بعض الأعراض التي تنغص حياتي.

قبل ثلاث سنوات كانت أول مرة أزور فيها طبيباً نفسياً، لم يستمع لي كثيراً، ولكن شخص حالتي على أنها رهاب اجتماعي، وكتب لي سيروكسات ٢٠مج حبة واحدة يومياً، وكونكور٢،٥ حبة لمدة أسبوعين فقط، حتى هذا اليوم استخدمت العلاج وأوقفته ثلاث مرات، عند استخدامي للعلاج أتحسن كثيراً، ولا أعاني من مشاكل المعدة وأتواصل مع الآخرين بكل أريحية ولا أفكر أو أتوتر كثيراً، وعند إيقافي للعلاج تعود مشاكل الهضم والمعدة، وأفقد الرغبة في التواصل مع الآخرين، وأشعر بخفقان وضيق التنفس (كتمة) عند التحدث لأي شخص، وإن كان من أفراد أسرتي.

في آخر مرة كنت أستخدم فيها العلاج كانت أموري جيدة، ولا أشعر بالارتعاش، ولكن كنت أعاني من ضيق النفس، وحرارة في الصدر، خصوصاً في بداية يومي (بعد الاستيقاظ من النوم) عند التحدث مع الآخرين، وزاد وزني وعانيت من انتفاخ البطن وغازات.

توقفت عن العلاج منذ أربعة شهور، وأشعر بالرعاش وخفقان القلب، وصعوبة التنفس أثناء الحديث في بعض المواقف، مثلاً مع شخص مسؤول أو أثناء التجمعات أو الحديث مع الجنس الآخر.

أصبحت أعاني وبشدة من القولون العصبي وذهبت للطبيب من أجله.

سؤالي: هل السيروكسات لم يعد فعالاً معي أم الجرعة ليست مناسبة؟ وهل شعوري بضيق النفس لأني أوقفت استخدام الكونكور بعد أول أسبوعين؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زياد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي: حالتك -إن شاء الله- حالة بسيطة، حتى وإن كانت معك لسنوات، وهو نوع قلق الرهاب الاجتماعي – كما تفضلت – وأنت تحسّنت كثيرًا على العلاج الدوائي، ولكن تحدث لك انتكاسات بعد التوقف من هذا العلاج، وهذا هو التاريخ الطبيعي للرهاب الاجتماعي، يتحسّن الإنسان على الدواء لكنّه ينتكس بعد التوقف منه، وذلك لعدم تطبيق أو الالتزام بالعلاجات السلوكية، وهي المهمة، لأنها تمنع حقيقة الانتكاسات.

أخي الكريم: ركّز على الآليات السلوكية، يمكن لطبيبك أن يتحدث معك حول هذا الأمر، وأنا أقول لك: إن العلاجات السلوكية بسيطة جدًّا في حالتك.

أهم شيء فيها هو: الالتزام بالواجبات الاجتماعية، أن تُشارك الناس في مناسباتهم، في أفراحهم، في أتراحهم، تذهب إلى الأعراس، أن تزور المرضى، أن تصل رحمك، أن تكون شخصًا فعّالاً على النطاق الاجتماعي وفي داخل أسرتك، وبين أصدقائك، هذا مهمٌّ جدًّا، ولا تتجنب المواقف أبدًا، أكثر ممَّا نسمِّيه بالتعريض الإيجابي للمواقف.

الصلاة مع الجماعة في المسجد والالتزام بالصف الأول هي من أفضل وسائل التعريض النفسي الإيجابي، وذلك بجانب احتساب الأجر، فيا أخي الكريم: احرص على صلاة الجماعة.

التمارين الرياضية الجماعية كممارسة كرة القدم مثلاً، هذه رياضة مفيدة جدًّا وتؤدي إلى تحسُّن كبير من الناحية السلوكية فيما يتعلق بالرهاب الاجتماعي.

أخي الكريم: اجعل نمط حياتك على هذا الأساس، وفي محيط العمل أرجو أن تكون شخصًا تفاعليًّا، تُجيد عملك، وتُحب عملك، وتتواصل مع زملائك، فيا أخي: العمل ذاته يمكن أن نستفيد منه كوسيلة علاجية.

احرص على النوم الليلي المبكر، وتجنب النوم بالنهار، واحرص على التوازن الغذائي، واحرص على تمارين الاسترخاء، هذه التمارين لها فائدة عظيمة جدًّا، يمكن للطبيب أن يُدربك عليها، أو يمكن أن تلجأ إلى أحد البرامج الموجودة على اليوتيوب، والتي توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء.

إذًا هذه هي الأسس العلاجية الأساسية، بعد ذلك يأتي الدواء، الدواء يُساهم قطعًا، لكن كما أوضحتُ لك المهم هو العلاج السلوكي التأهيلي الذي تحدثنا عنه، والـ (زيروكسات) لا يفقد فعاليته مع استمرار الوقت، لكن يمكن أن تستبدله بدواء آخر، لأن الإنسان أيضًا إذا استعمل دواء لفترة طويلة حتى وإن لم يكن الدواء له ميزة التحمُّل أو الإطاقة – أي فُقدان الفعالية بعد فترة – قد يتملَّل الإنسان منه نفسيًّا، وهذا يُضعف فعالية الدواء طبعًا بصورة غير مباشرة.

أنا أقترح عليك أن تتناول عقار (سيرترالين) والذي يُعرف تجاريًا باسم (زولفت)، دواء رائع جدًّا، دواء مفيد جدًّا، وتقريبًا عشرون مليجرامًا من السبرالكس تعادل خمسين مليجرامًا من الزولفت، فيمكنك استبداله، إذا وافق طبيبك على هذا.

أمَّا بالنسبة للـ (كنكور) فالأفضل أن تستبدله بالـ (إندرال)، لأن الإندرال لا يُخفض الضغط، الإندرال – والذي يُسمَّى علميًا بروبرالانول – بجرعة صغيرة (عشرة مليجرام) صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ مثلاً، ثم عشرة مليجرام يوميًا سيكون كافيًا جدًّا من وجهة نظري.

هذه هي الأمور التي أودُّ أن أفيدك بها فيما يتعلق بحالتك، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بما ذكرناه لك، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً