السؤال
السلام عليكم
أنا محطم نفسيا! وأعاني من الأرق وعدم الثبات، وأكلم نفسي كثيرًا. ماذا أفعل لكي أكون مسلما حقا وأبتعد عن الشهوات؟
السلام عليكم
أنا محطم نفسيا! وأعاني من الأرق وعدم الثبات، وأكلم نفسي كثيرًا. ماذا أفعل لكي أكون مسلما حقا وأبتعد عن الشهوات؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد يمر الإنسان بمراحل في حياته يبتعد فيها عن الله تعالى وعن القيم النبيلة، وهذا أمر طبيعي حتى في المجتمعات الأقرب للمثالية، ففي زمن الأنبياء وحال حياتهم والوحي ينزل عليهم حصل من بعض أتباعهم شيء من الانحراف، والعبرة في خاتمة هذا الإنسان حتى قال نبينا عليه الصلاة والسلام: (وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها).
الوقوع في الذنوب والمعاصي من طبيعة البشر، ولو لم يذنب الناس لذهب الله بهم، وأتى بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم، هكذا قال نبينا عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى.
من أسماء الله تعالى التواب والغفور، ومن آثارهما على عباده أنه يتوب على التائبين ويغفر للمستغفرين، والله تعالى يفرح بتوبة عبده، ويحب التائبين ويمح ذنوب المستغفرين، بل يبدلها برحمته إلى حسنات.
كم من الناس كان غارقا في الذنوب والمعاصي، ثم تاب وصار من أولياء الله الصالحين.
من آثار الذنوب والمعاصي مقت النفس، وضيق الصدر، وخواء الروح، والنفرة عن الصالحين، وضنك العيش كما قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا}.
عليك أن تتوب إلى الله توبة نصوحا من كل الذنوب، والتي من شروطها الإقلاع عنها والندم على ما فعلت والعزم على ألا تعود إليها مرة أخرى.
وثق صلتك بالله تعالى وقو إيمانك من خلال الحفاظ على أداء الفرائض، والإكثار من النوافل، فمن ثمار ذلك جلب الحياة الطيبة كما قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ}.
لزوم الاستغفار والإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يزيل الهم ويكشف الغم ويغفر الذنب يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذًا تكف همك ويغفر ذنبك).
تلاوة القرآن الكريم والمحافظة على أذكار اليوم والليلة يجلب الطمأنينة للقلب يقول ربنا جل شأنه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.
لا تيأس من رحمة الله مهما كانت ذنوبك فإن صدقت توبتك غفرها الله لك، ولا يبالي يقول تعالى ردا على المشركين حين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إن دينك الذي تدعو إليه حسن لو علمنا أن الله يغفر لنا ذنوبنا فإنا قد زنينا، فأكثرنا وقتلنا النفس فأسرفنا، وشربنا الخمر فأنزل الله: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، ويقول في الحديث القدسي: (يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك به شيئاً لقيتك بقرابها مغفرة).
غيِّر صحبتك، فالرفقة الصالحة من أسباب الاستقامة والإعانة على الطاعة، والرفقة السيئة سبب من أسباب وقوع الإنسان فيما يسخط الله، وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من الجليس السيئ فقال: (إِنَّمَا مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالحِ والجَلِيسِ السّوءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِير، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) ويقال في المثل: الصاحب ساحب.
أتمنى أن تتمكن من أداء العمرة فذلك له أثره في تقوية إيمان العبد.
وللفائدة راجع وسائل مقاومة الشهوات: (268344 - 278337 - 256279)، علاج الأرق سلوكيا: (1851 - 2121372 - 2281779 - 277975)، وسائل تقوية الإيمان: (240748 - 231202 - 278059 - 278495).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يتوب علينا وعليك، وأن يسعدك في حياتك ويرزقك الاستقامة والصلاح إنه هو السميع العليم.