السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة عمري 19 سنة، أريد أن أسأل لماذا معظم العظماء في العالم وفي كل المجالات ومن كافة الأديان والأجناس هم من الرجال؟
صحيح أن هناك عددًا لا بأس به من النساء اللاتي حققن مهامًا كبيرة، ولهن فضائل على هذا العالم، ولكن لا أحد ينكر أن معظم العظماء كانوا رجالًا حتى في الإسلام، فعندما نتحدث عن الخلفاء، والأطباء، والحكماء، والشعراء، معظمهم من الرجال، وليس لدينا أسماء تذكر من النساء إلا قلة قليلة.
وأنا لا أعتب في هذا على الإسلام "حاشاه ديننا"، لكن هذا أمر ظاهر على البشرية ككل، فمثلًا علماء العلوم الحديثة الذين برزوا بعد الثورة الصناعية في أوروبا من اينشتاين، وأديسون، وتسلا، وغيرهم الكثير ايضًا من الرجال، وفلاسفة اليونان رجال، وأبرز قادة الثورات الأوروبية رجال، وعظماء التاريخ والعلوم من أي دولة كانوا رجالًا، مع استثناءات قليلة من النساء اللاتي عددهن قليل، ونكرر أسماءهن دائمًا، فليس لدينا غيرهن في التاريخ لنتحدث عنه، والرسول عليه أفضل الصلوات والتسليم قال كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم وامرأة فرعون.
أنا متعجبة من الأمر، وأعرف أن الله عز وجل لن يظلم النساء يوم القيامة، وقد لا تكون المرأة عالمة أو حاكمة وتدخل الفردوس الأعلى في أعلى درجات الجنان، لكنني في الحقيقة لدي طموح أن أصبح عالمة فلك، وأن أستغل علمي بالنهوض في الأمة، وأن أصبح من قادة هذه الأمة، وأن أكون خيرًا لها كما كان عمر بن الخطاب، وأن أقدم للأمة وللإسلام الكثير، ولا أريد أن أكون في الخلف وأنتظر من ينصرني، أو يعينني، بل أريد أن أنصر وأعين الناس.
أنا دائمًا آمنت أني أستطيع أن أكون كذلك، ولم أشعر يومًا أن الله عز وجل لا يرضيه ذلك مني، على العكس تمامًا، فأنا دائمًا أحس أن الله يريد مني أن أكون هكذا بل وإنه يعينني على ذلك، وعلى الرغم من استهزاءات الناس وإحباطاتهم؛ لا زلت مصرة على ما أريد، ولكن مع اطلاعي على التاريخ، وقصص النساء في العالم، وقصص العظماء، بدأت وللأسف تراودني شكوك وخوف ليس بأني غير قادرة على ذلك؛ بل على العكس لازلت مؤمنة بنفسي، وبأن الله خلقني لحكمة ككل إنسان، وبأن الله كما قال: "أنا عند ظن عبدي بي"، لكني أخشى أنني ممنوعة من ذلك، وأنها سنة في البشرية أن الرجل هو الناصر، وهو الفاتح، وهو القادر، وهو الوحيد الذي يستطيع أن يقوم بأمة، أنا أعرف أن الأمة لا تقوم بشخص وإنما تقوم ككل، لكني أرغب أن أكون كما كان عمر، وأن أكون ناصرة للإسلام وللمسلمين، ليس بأن أنجب طفلًا وأربيه على ذلك فحسب، بل أن أكون أنا نفسي وبذاتي هكذا، وليس مجرد مربية، مع عدم التقليل من شأن المربية، فهي لولاها لما كان الرجل الناصر والخليفة والفاتح.
وطبعًا معظم النساء اللاتي حققن نجاحًا عمليًا أو علميًا لم يستطعن الزواج، أو بناء حياة أسرية ناجحة، وهذا أيضًا يخيفني أن لا أجد الرجل القادر على تحملي ومساندتي وقبول إرادتي، فإما أن أعيش وحيدة، أو أن أتخلى عن رغبتي وحاجتي لتقديم كل ما لدي لأمة الإسلام.
هل أنا مخطئة؟ وهل شرعًا لا يجوز لي أن أفكر في هكذا طموح؟ أنا لا أطمح لا للشهرة، ولا للرئاسة، ولا للخلافة، ولا للحكم، لكني أريد أن أكون من الفاتحين في عصرنا هذا، عصر الفتنة، وأن يصل اسمي للرسول-عليه الصلاة والسلام-، وأن ألتقي بالجنان بعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فيقال له أني مشيت على خطاه، وأني كنت بشجاعته وقوته.
أنا طبعًا لا أقارن نفسي بهذا الصحابي الجليل، لكني أرجو أن أقدم كل ما بداخلي لهذه الأمة، وأن لا أحتفظ بأي خير لنفسي.
أرجو إجابتي إن كنت على حق أم أنه علي أن أتخلى عن هذه الرغبة وهذا الإيمان.
وشكرًا جزيلًا.