الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تجاربي الفاشلة في الزواج جعلتني أعيش تعيسة فكيف أتجاوزها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا امرأة عمري (30) سنة، وقد عشت منها (26) سنة بسلام جميل جدا، أما في الأربع سنوات الماضية تغيرت حياتي كلها، وأصبحت امرأة جديدة.

كنت في السابق امرأة مليئة بالثقة، والجمال، والطموح، وعزة النفس، وكل الصفات الكريمة، ثم بدأت العمل وكنت أعتقد بأنني حققت كل ما كنت أطمح له، فخطبت للرجل الذي أحببته بشدة، لكنه رحل بسبب مشاكل لا دخل لي فيها، فقد مرضت بمرض نفسي ومررت بفترة صعبة جدا، لكنني -بفضل الله- عدت إلى الوعي، وبدأت بالإصلاحات الشاملة في شخصيتي، وخاصة من ناحية الالتزام -الحمد لله-، ثم تهاطلت علي عروض الزواج من جديد، وفي كل واحد منهم كان هناك أمر ما لا يروقني، حتى وافقت بالنهاية على أحدهم، وكان بمثابة الكارثة في حياتي، لكنني لم أنتبه إلا بعد فوات الأوان.

فترة خمسة شهور كانت كافية حتى أعرف بأن الطلاق هو الحل الوحيد، حتى أُبقي على مداركي العقلية بخير، وأنجو من الزواج الفاشل وبكل مقاييس الفشل، طلقت، وبذلك دخلت مرحلة جديدة غريبة عن عائلتي، وعن مجتمعي، وعن من حولي، مطلقة، لكنني حاولت أن أتمالك نفسي أمام نظرة الناس، والحزن الذي يعتريني من فترة لأخرى.

بعدها تقدم اثنان، الأول شاب أعزب، هو قريب لي، وكان يحبني منذ زمن، ولكنني رفضته في السابق، والآن قبلت به فرفضني أهله بسبب حالتي المدنية، ثم تقدم لي شخص آخر، وهو مطلق دون أولاد، وافقت في البداية، ثم ترددت لأنني لم أشعر بأي راحة نحوه فابتعدت.

الآن أشعر بوحدة كبيرة، وبأنني شخص سيء، وبأنني حقا لا أستحق شيئا جميلا، رغم أنني أعرف أن داخلي طيب، ولا أحب إيذاء أي أحد، لكنني لا أفهم ما يحصل لي، وهل الأشياء السيئة التي حدثت بسبب سوئي؟ أم لأنني سيئة بسبب ما حصل معي؟ هل أنا ظالمة أم مظلومة؟ أين الخطأ في حياتي؟ لماذا لا أعرف أي طريق أسلك وأنا في هذا العمر؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أستاذتنا الكريمة وبنتنا- في موقعك، ونشكر لك حسن العرض للسؤال، ونتمنى أن يصلح الله لنا ولكم الأحوال، وأن يحقق فى طاعته الآمال، وأن يجعلنا وإياك ممن إذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا أذنبوا استغفروا، وأرجو أن نؤكد لك أنك لست سيئة، وأن الابتلاء يحصل للجميع، بل إن أعظم الناس بلاء الأنبياء، ثم الذين يلونهم، ثم الأمثل فالأمثل.

والمتأمل لسيرتك ومسيرتك يلاحظ أن سنوات النعم والاستقرار والنجاح كانت طويلة، وكلنا -ولله الحمد- ينغمس في نعم الله، ولكننا نقصر في الشكر، وبالشكر تحفظ النظم، وبالشكر تزيد النعم، وعجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرا له.

وأرجو أن تزيد ثقتك، ويقوى أملك في ربنا وربك، وتذكري أن المؤمنة تنال بصبرها درجات ما كانت لتبلغها إلا بالصبر على البلاء، ولا تهتمي بنظرة الناس، ولا تغتمي، لأن رضاهم غاية لا تدرك، ولأنه لم يسلم منهم حتى الأنبياء، وقد أسعدتنا عودتك لنفسك، وإصلاح ما بينك وبين الله، ونتمنى أن تعودي لنفسك مرة أخرى، فإن هذا هو المطلوب، واستأنفى حياتك بأمل جديد، وبثقة في الله المجيد، واعلمي أن الزواج نعمة، كما أن الخلاص من الزوج السيء نعمة، وسوف يأتي اليوم الذي تسعدين فيه وترتاحين.

أما وحدتك فعمريها بالتلاوة، واستأنسي بالأذكار والإنابة، وتعوذي بالله من شيطان همه أن يحزن أهل الإيمان، وليس بضارهم شيئا، واعلمي أن هذا العدو لا يريد لنا الخير، فعامليه بنقيض قصده، واعلمي أنه يحزن لاستغفارنا، ويبكي إذا سجدنا لربنا.

وهذه وصيتنا لك، بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ولا تبكي على اللبن المسكوب، ولكن انظري إلى المستقبل، وإذا ذكرك شيطان من الأنس أو الجن بالمواقف السالبة فلا تتوقفي عندها طويلا، ورددي بلسان أهل الإيمان: (قدر الله وما شاء فعل)، واعلمي أن لو تفتح عمل الشيطان، واعلني رضاك بقضاء الله وقدرك، وقفي مع نفسك للمراجعة والمحاسبة والتصحيح، وثقي بأن ما يقدره الله لك خير مما تختارينه لنفسك، كما قال عمر: (لو كُشِفَ الحجاب لما تمنى أهل البلاء إلا ما قدر لهم)، أما عمر بن عبد العزيز فكان يقول: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار).

سعدنا بتواصلك، وفى نفوسنا ثقة أنك سوف تتجاوزي الأزمات -بحول وقوة رب الأرض والسموات-، فاستحضري معاني الإيمان، وتوكلي على الله، واستعيني بالله، فإنه وحده المستعان عليه الثكلان.

ولك منا الدعاء، ونسأل الله أن يكتب لك السعادة والهناء، وأن يجمعنا في الآخرة برسولنا خاتم الأنبياء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • موريتانيا منى

    السلام عليكم بالعكس اختي يجب عليك ان تسعدي وتفرحي فمادخلو حياتك الا كتجربة لتستفيدي منها وتعلمي ان المكتوب على الانسان ييعيشه والمهم في الامر ان تحمدي الله انها فترة وانتهت ومكسبك فيها انك لم تخسري نفسك فاحيانا كثيرة يكون الطلاق وصفة علاج للكثير من المشاكل واغلب الزواجات الغير متكافءة تنتهي اما بان تصاب المراة بانهيار عصبي او مرض نفسي او تصير كارثة كزوجها فتكتسب اخلاقه اتصير نسخة طبق الاصل منهم واناارى انه لاداعي للحزن فاهم ماف الامر انك لم تفعلي معصية وعشتي تجاربك في الحلال مهما كان مقدار سلبيتها فاحمدي الله على ذلك فذاك وحده نعمة في هذا الزمن الصعيب واتمنى لك التوفيق في المستقبل القريب

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً