الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب الرهاب الاجتماعي لم أخرج من البيت منذ 7 سنوات!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولا بارك الله فيكم على هذا الموقع الرائع, والله يوفق ويفرج هم كل شخص قام وساهم في هذا الموقع, وجعله في ميزان حسناتكم.

أنا أعاني من الرهاب الاجتماعي منذ 7 سنوات, خسرت حياتي كلها, قطعت علاقاتي الاجتماعية بالكامل, لا أعرف غير أهلي, وأنا مجبور أن أعيش معهم, أما أقاربي فلا تربطني بهم صلة أبدا, مع أني قبل 7 سنوات وطوال حياتي منذ أن كنت صغيرا كنت اجتماعيا جدا, وعندي ثقة بنفسي, ولا أخجل ولا أخاف، كنت لا أترك مناسبة إلا وأحضرها, حتى أوقات الدراسة كنت جريئا جدا, أما الآن والله 7 سنوات لم أخرج فيها لمناسبة اجتماعية, ولم أخرج فيها للسوق إلا مرتين تقريبا, وندمت فيها ندما شديدا, وزادت حالتي وتدهورت, وأنا سأصف حالتي بالضبط :

أعاني من الخوف من التواجد في الأماكن المفتوحة, والأماكن العامة المزدحمة، مثل مراكز التسوق, والمناسبات الاجتماعية, وزيارة الأقارب, أو الأعراس, أو حتى الشارع, لا أستطيع أن أخرج إلى الشارع أحس بخوف شديد, وعدم ثقة بنفسي, وأن كل نظرات الناس علي, تحركاتي دائما في ذهني, عندما أخرج لأي مكان حتى لو في الأماكن العامة في الشارع دائما في ذهني, لا أريد أن أكون غبيا, أو أخطأ ويضحكون علي, ولا أريد أن أكون غير مقبول في أعين الناس, فأكون قلقا جدا, ولا أستطيع الكتابة, والأكل, والشراب أمام الآخرين؛ لأن يدي ترجف عندما آكل وأشرب أمام الناس.

أما المشكلة الكبيرة التي دمرت حياتي فهي أني أنسى جميع المواقف التي مرت علي في اليوم, لا أستطيع أن أقول قصة, أو أحكي موقفا مر علي لشخص؛ لأني أنسى كل شيء, فدائما أكون صامتا لا أتحدث لأن ذاكرتي فارغة, وإذا ذهبت لشخص ما وتحدثت معه ثم ذهبت لشخص آخر وقال لي ماذا قال لك أنسى كل شيء!! لا يوجد عندي تركيز بتاتا من الخوف والقلق, علما أن هذه المشاكل لم تكن قبل ال 7 سنوات.

وبخصوص محاولاتي للعلاج: فأنا ذهبت للطبيب مرة واحدة, وأعطاني دواء السيروكسات, ووصلت بالجرعات إلى 40جرام في اليوم لمدة 6 شهور, ولكن لم أستفد أي شيء, فقطعت العلاج بالتدريج, وأنا الآن أتمنى من الله عز وجل ثم منكم أن تجدوا حلا لمشكلتي هذه, فأنا أريد أن أعيش مثل الشباب, أريد الزواج, وأريد أن أعيش حياة كريمة فقط, والله أتمنى لو يذهب مني كل ما أملك ولكن أرتاح نفسيا وأشفى من هذا المرض.
وجزاكم الله ألف خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنك تعاني من الرهاب الاجتماعي وما يعرف برهاب (الساح)، وكثيرًا ما نجدهما مع بعضهما البعض، وهي أنواع من أنواع القلق.

أنت قمت بمحاولة علاجية, وذلك بتناول الزيروكسات بمعدل أربعين مليجرامًا يوميًا، لكنك لم تستفد منه، فأسأل الله تعالى أن يجعل لك الخير فيما يأتي, أنت مطالب باتخاذ الخطوات العلاجية الآتية:

أولاً: الأمور قد تبدلت كثيرًا منذ الوقت الذي أصابك فيه هذا القلق الرهابي، أي أن الأمور تبدلت ما بين النوبة الأولى وحالك الآن، فالزمن قد تطور، وهنالك علاجات دوائية, وعلاجات سلوكية كلها مفيدة لمن يلتزم بها.

ثانيًا: التغيير لابد أن يأتي منك أنت، واتباع البرامج السلوكية يتطلب الالتزام، وإن الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

ثالثًا: التفكير السلبي يضر بصاحبه جدًّا، والتفكير الإيجابي هو الدافع الرئيسي من أجل التغيير.

رابعًا: الدواء يفيد، لكنه ليس هو العلاج الوحيد أو القاطع، فالعلاج السلوكي مهم، والعلاج السلوكي مبادئه بسيطة جدًّا، وهي أن تحقر الخوف، أن تقارن ما بينك وبين الآخرين، أن تكون لك الإرادة، وأن تطبق التطبيقات العملية، وأول هذه التطبيقات هي الخروج إلى صلاة الجماعة, خمس صلوات تؤديها في المسجد تجعلك تلتقي بالناس، تكسر حاجز الخوف من التجمعات، وفي نفس الوقت لك أجر عظيم من الله تعالى في دنياك وآخرتك.

خامسًا: ممارسة الأنشطة الاجتماعية الخيرية, وكذلك الرياضة الجماعية,
هي من وسائل علاج الرهاب الاجتماعي الممتعة جدًّا.

سادسًا: بر الوالدين، صلة الرحم، مشاركة الناس في أفراحهم وأتراحهم، والخروج إلى المناسبات, وزيارة الأصدقاء والأرحام، والتواصل مع الأهل, والأرحام, والجيران، هذه كلها علاجات اجتماعية, وهي من صميم عقيدتنا الإسلامية، وتفتح أبواب خير كثيرة، وتقضي على الخوف.

سابعًا: عليك بأن تطبق تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، وسوف يشير لك الأخوة في إسلام ويب لبعض الاستشارات التي توضح كيفية القيام بهذه التمارين.

ثامنًا: لابد أن تبحث عن عمل، فقيمة الرجل في العمل، والعمل يطور المهارات الاجتماعية، والمهارات الاجتماعية تقضي على الخوف الاجتماعي.

تاسعًا: سيكون من الأفضل أن تذهب لمقابلة الطبيب النفسي، وإن لم يكن ذلك ممكنًا, فأرجو أن تبدأ في تناول عقار (سبرالكس) والذي أشارت أبحاث كثيرة الآن أنه مفيد جدًّا يتفوق على كثير من الأدوية، وجرعة البداية هي عشرة مليجراما، تناولها ليلاً بعد الأكل، وبعد شهر اجعلها عشرين مليجرامًا يوميًا، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى عشرة مليجراما يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجراما يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

وبقضاء المدة من المفترض أن تُشفى بإذن الله تعالى.

السبرالكس ندعمه بدواء آخر يعرف تجاريًا باسم (فلوناكسول) ويعرف علميًا باسم (فلوبنتكسول), والجرعة المطلوبة هي نصف مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف مليجرامًا مساءً لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أرجو أن تحقر فكرة الخوف، وأرجو ألا تبني على الماضي، ابنِ على الحاضر والمستقبل، الماضي هو خبرة وعبرة وليس أكثر من ذلك، أنت شاب حباك الله تعالى بطاقات نفسية وجسدية كبيرة، ولابد أن تستفيد منها لكي تفيد نفسك والآخرين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا Zz

    انا اعاني من نفس المشكلة

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً