تعكس المجازر الاحتلال المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني عجز وإخفاق المجتمع الدولي ومؤسساته في الضغط على المحتل وإجباره على تنفيذ قرارات وتوصيات الشرعية الدولية. ونتيجة لهذا العجز شهد عام الانتفاضة الرابع تراجعا ملحوظا في طرح المبادرات السياسية ومحاولات التهدئة بعكس ما كان عليه الحال في العامين الأولين للانتفاضة، الأمر الذي يجعل من المنطقي طرح تساؤل حول سر إخفاق المجتمع الدولي في وقف مجازر الاحتلال وفرض قراراته أسوة بدول أخرى من العالم.
موسم المبادرات
أطلقت مع بداية انتفاضة الأقصى التي انطلقت يوم 28-9-2000 جملة من المبادرات وتدخل المجتمع الدولي على استحياء لوقف تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية. ومن هذه المبادرات: تينت وميتشل والمبادرة العربية ورؤية بوش وخطة خارطة الطريق وغيرها، بل إن هوس المبادرات أصاب أطرافا فلسطينية وإسرائيلية صاغت عدة مبادرات وعرضتها على المجتمع الدولي مثل جنيف.
غير أن أيا من هذه المبادرات -رغم أنها تنتقص الحق الفلسطيني ووافقت عليها السلطة الفلسطينية- لم تنفذ لأن الاحتلال وضع نفسه فوق القانون وواصل سفك دماء الفلسطينيين.
ويجمع أغلب المراقبين والمحللين على أن الولايات المتحدة الأميركية تتحمل المسؤولية الكاملة عن تمرد الاحتلال كونها تقف إلى جانبها بشكل كامل في المحافل الدولية، وحاولت تبرير مجازرها ووصم المقاومة الفلسطينية بالإرهاب. كما أن الطرف الأميركي لا يتحرك عادة إلا إذا تعرضت مصالحه للخطر أو وجد أنه يحقق مصلحة خاصة.
وفي هذا السياق يرى النائب رفيق النتشة، رئيس المجلس التشريعي السابق، أن المجتمع الدولي -خاصة الدول الكبرى- في غالبية مواقفه يسعى لتأمين مصالحه، رغم وجود تيار كبير ممن يعملون لإحلال السلام في المنطقة، مضيفا أن المشكلة الأساسية في تحقيق السلام بالمنطقة تكمن في الإدارة الأميركية التي ليست على مستوى من القناعة بالظلم الواقع على الفلسطينيين، وتنحاز انحيازا كاملا للاحتلال .
وأكد المسؤول الفلسطيني في حديثه لموقع الجزيرة نت أن الشرعية الدولية تصطدم بقوة القطب الأوحد، وبالتالي تقف وراء الإدارة الأميركية وليس بجانبها ولا تستطيع أن تتقدم عليها.
عدم جدية أميركية
ويجزم النتشة أنه "حينما تكون الإدارة الأميركية جاهزة فإن السلام سينفذ في المنطقة" مشيرا إلى أن الفلسطينيين يحصلون على غالبية الأصوات على المستويات الأممية والدولية، فيما تكون أميركا وحدها داعمة للاحتلال".
وأشار النتشة إلى أن خارطة الطريق التي تعتبر أفكارا أميركية وتبنتها اللجنة الرباعية أيضا لم توضع موضع التنفيذ لعدم جدية أميركا في تنفيذ أفكارها، وهو ما يعني تكريس الاحتلال العسكري للأراضي الفلسطينية واستخدام جنازير الدبابات وصواريخ الطائرات في تدمير الشعب الفلسطيني وبنيته التحتية ومؤسساته الرسمية والشعبية وقتل أطفاله ونسائه.
وشدد على أنه بدون مفاوضات وتحقيق عملية السلام لا يمكن - حسب زعمه - أن يتحقق الأمن للإسرائيليين والفلسطينيين والمنطقة بأكملها، مضيفا أنه في ظل الاحتلال والإرهاب الإسرائيلي المتواصل يكون الرد الطبيعي وهو المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني أمام أقوى الجيوش.
وأشار النتشة إلى ثلاثة عوامل اجتمعت لتساهم في إخفاق المجتمع الدولي، أولها أن أميركا ليست جاهزة لتنفيذ عملية السلام في المنطقة، وثانيها أن حكومة الاحتلال غير راغبة في تحقيق عملية السلام، وثالثها أن الأوضاع العربية والإسلامية ليست في المستوى الذي تكرس فيه ضغطا لتكريس القانون الدولي".
وأوضح أن الولايات المتحدة تتخذ أي حدث كالانتخابات حجة لعدم تنفيذ أي من مبادراتها التي أعلنتها مثل رؤية بوش 2005 وخارطة الطريق وغيرها، مشيرا إلى أن الساحة ستشهد المزيد من المبادرات والمزيد من الخرائط.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عوض الرجوب - الضفة الغربية