الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حدث في مثل هذا الأسبوع (23 -29 شوال)

حدث في مثل هذا الأسبوع (23 -29 شوال)

حدث في مثل هذا الأسبوع (23 -29 شوال)

وفاة علامة الشام الدكتور وهبة الزحيلي 23 شوال 1436هـ (2015م)
الدكتور وهبة الزحيلي عالم جليل من ألمع فقهاء العصر، وصاحب مؤلفات ماتعة نافعة بلغت أكثر من ١٢٠ مجلدًا (٥٠ ألف صفحة) وقد تميزت تلك المؤلفات بالدقة والشمول والسعة، كما كان عضوا فاعلا في المحافل والمجامع الفقهية الكبرى.
قدم الشيخ خدمات كبيرة وجليلة للفقه الإسلامي في العصر الحديث، من خلال مجال التدريس في الجامعات العربية وإشرافه على مئات رسائل الماجستير والدكتوراه، وفي مجال إبداء الرأي والاجتهاد في القضايا المعاصرة في المجامع الفقهية والعلمية الكثيرة، ومن خلال بحوثه ودراساته وتأليفه لعشرات الكتب الموسوعية، و من خلال مساهماته العلمية في مؤتمرات وندوات ودورات دولية، ومشاركاته في برامج تلفزيونية وإذاعية.
لقد عاش الدكتور وهبة حياة طويلة حافلة بالإنتاج العلمي الغزير، وبالدفاع عن دين الله وحرماته في عصر ملتهب مُضْطرب سقط في شبهاته وشهواته كثير من أدعياء العلم والدين.
وحياة الشيخ تحكي قصة طويلة من الدأب والعكوف العلمي المثمر فقد نذر عمره في موسوعات العلم والمعرفة، وقضى حياته في العلم وتعليمه وتأليف الكتب النافعة، وقد أوتي من الصَّبر والجلد والمحافظة على الوقت وعدم إضاعته، ما يجعله في ذلك مثلاً يُحتذى.
كما كان الشيخ رحمه الله مثالا حيا للأخلاق الكريمة، والزهد، وحب الخير للغير.

مولده ونشأته

ولد وهبة مصطفى الزحيلي ( أبو عبادة) عام 1932م في مدينة "ديرعطية" من مدن "ريف دمشق"، وكان والده يعمل بالتجارة والزراعة، حافظاً للقرآن الكريم، محباً للسنة النبوية.

تحصيله العلمي
درس الشيخ المرحلة الابتدائية في بلدته، وبعد أن أنهى دراستَه الابتدائية قدم إلى مدينةَ دمشق سنة 1946م وعمرُه 14 عاماً لمتابعة دراسته في معاهدها.
التحق في دمشق بالثانوية الشَّرعية التي كانت تُسمَّى كلِّية الشَّريعة، وأمضى فيها ستَّ سنوات، نال بعدها شهادة الثانوية الشَّرعية عام 1952م وكان ترتيبه الأولَ على جميع المتقدِّمين.
توجَّه بعدها إلى مصر ليكمل مسيرته العلمية، وتحصيله العلمي العالي، فالتحق بعددٍ من الكلِّيات في آنٍ واحد، فقد درس في الجامعة الأزهرية في كلِّيتي الشَّريعة واللُّغة العربية، كما درس في كلِّية الحقوق بجامعة عين شمس، وكانت حصيلة تلك الدِّراسة أن نال الشَّهادات الآتية:
1- الشَّهادة العالية في الشَّريعة الإسلامية من كلية الشَّريعة بالأزهر بتقدير ممتاز عام 1956م.
2- إجازة التَّخصص بالتَّدريس من كلية اللُّغة العربية بالأزهر عام 1957م.
3- إجازة في الحقوق من جامعة عين شمس بتقدير جيد عام 1957م.

ولم يكن الأستاذ وهبة الزُّحيلي قد قضى نهمته في طلب العلم بعد، فتقدَّم إلى كلٍّ من جامعتي الأزهر والقاهرة للدِّراسات التَّخصصية العليا، وتابع دراسته العليا في كلِّية الحقوق في جامعة القاهرة بقسم الشَّريعة، ونال سنة 1959م درجة الماجستير في الشَّريعة الإسلامية، وكانت رسالته في التخرج بعنوان (الذرائع في السياسة الشرعية والفقه الإسلامي)
وبعد ذلك سجل أطروحته في الدكتوراه في الكلية نفسها بعنوان (آثار الحرب في الفقه الإسلامي – دراسة مقارنة)، ومنحته لجنة المناقشة الدرجة العلمية مع مرتبة الشَّرف الأولى سنة 1963م.
شيوخه
تلقى العلم على يد كثير من المشايخ المعروفين في وقتهم في سوريا ومصر؛ حيث كان يدرس بها دراسته الجامعية والدراسات العليا
فمن شيوخه في دمشق: محمود ياسين ومحمود الرنكوسي وحسن الشطي وهاشم الخطيب والفيومي وأحمد السماق وحمدي جويجاتي وحسن حبنكة الميداني وأخوه صادق في التفسير، وأبو الحسن القصاب في النحو والصرف، وصالح الفرفور في علوم اللغة العربية كالبلاغة والأدب العربي.

ومن شيوخه في مصر: شيخ الأزهر محمود شلتوت والشيخ عبد الرحمن تاج وعيسى منّون في الفقه المقارن عميد كلية الشريعة وجاد الرب رمضان في الفقه الشافعي.. ومن مشايخة الكبار أيضا محمد أبو زهرة والشيخ علي الخفيف ومحمد البنا ومحمد الزفزاف ومحمد سلام مدكور وفرج السنهوري.
حياته العملية
عين مدرساً بجامعة دمشق عام 1963، ثم أستاذاً مساعداً سنة 1969، ثم أستاذاً عام 1975.. واشتغل بالتدريس والتأليف والتوجيه وإلقاء المحاضرات العامة والخاصة، وقد اشتهر بالتخصص الدقيق في الفقه وأصول الفقه، وكان يدرّسهما مع الفقه المقارن في كلية الشريعة ومواد الشريعة في كلية الحقوق بجامعة دمشق والدراسات العليا فيهما.
- أعير إلى كلية الشريعة والقانون بجامعة محمد بن علي السنوسي بمدينة البيضاء في ليبيا لمدة سنتين، ثم كلّف بعدئذ بمحاضرات فيها في الدراسات العليا.
- أعير إلى كلية الشريعة والقانون بجامعة الإمارات لمدة خمس سنوات من 1984 ـ 1989.
- أعير بصفة أستاذ زائر إلى جامعة الخرطوم، قسم الشريعة، وإلى أم درمان الإسلامية لإلقاء محاضرات في الفقه وأصول الفقه على طلاب الدراسات العليا.
وقد سافر إلى بلاد إسلامية عديدة لإلقاء المحاضرات والدروس في رمضان وغيره منها قطر والكويت وغيرها.
يدرّس كتابه "الفقه الإسلامي وأدلته" كمرجع أساسي في كثير من الجامعات لطلبة الدراسات العليا كالباكستان والسودان وغيرهما.
كما يدرّس كتابه "أصول الفقه الإسلامي" في الجامعات الإسلامية بالمدينة المنورة وفي الرياض، قسم القضاء الشرعي، سابقاً.
أشرف على كثير من رسائل الماجستير والدكتوراه في جامعة دمشق وكلية الإمام الأوزاعي في لبنان، وغيرها.
مؤلفاته
ترك الشيخ وراءه علما جما، وتراثا نافعا، ومؤلفات كثيرة جدا فقد كان الشيخ من المكثرين في التأليف فقد بلغت مؤلفاته أكثر من ١٢٠ مجلدًا (٥٠ ألف صفحة)، نذكر هنا أهم هذه المؤلفات:
1- آثار الحرب في الفقه الإسلامي.
2- الفقه الإسلامي وأدلته.
3- نظرية الضَّرورة الشَّرعية؛ دراسة مقارنة.
4- التَّفسير المنير في العقيدة والشَّريعة والمنهج.
5- التَّفسير الوجيز.
6- التَّفسير الوسيط.
7- الفقه الإسلامي في أسلوبه الجديد.
8- أصول الفقه الإسلامي.
9- الذَّرائع في السِّياسة الشَّرعية،والفقه الإسلامي.
10- العلاقات الدولية في الإسلام مقارنة بالقانون الدولي الحديث.
11- نظرية الضَّمان أو (حكم المسؤولية المدنية والجنائية) في الفقه الإسلامي.
12- العقود المسمَّاة في قانون المعاملات المدنية الإماراتي والقانون المدني الأردني.
13- العقوبات الشَّرعية وأسبابها، بالاشتراك مع الدكتور رمضان الشرنباصي.
14- الأصول العامة لوحدة الدَّين الحق (مترجم إلى الإنجليزية).
15- القرآن الكريم، البنية التَّشريعية والخصائص الحضارية (مترجم إلى الإنجليزية والفرنسية).
16- جهود تقنين الفقه الإسلامي.
17- فقه السُّنة النَّبوية.
18- نظام الإسلام - ثلاثة أقسام (نظام العقيدة، نظام الحكم والعلاقات الدولية، مشكلات العالم الإسلامي المعاصر).
19- الوجيز في أصول الفقه.
20- شرعة حقوق الإنسان في الإسلام، بالمشاركة.
21- الضَّوابط الشَّرعية للأخذ بأيسر المذاهب.
22- الرُّخص الشَّرعية؛ أحكامها وضوابطها.
23- الإسلام دين الجهاد لا العدوان.
24- الإسلام دين الشُّورى والدِّيمقراطية.
25- القصَّة القرآنية، هدايةٌ وبيانٌ.
26- الموازنة بين القرآن والسُّنة في الأحكام.
27- الفقه الحنبلي الميسر (بأدلته وتطبيقاته المعاصرة).
28- الخليفة الرَّاشد العادل عمر بن عبد العزيز.
29- سعيد بن المسيب (ضمن سلسلة أعلام المسلمين).
30- أسامة بن زيد (ضمن سلسلة أعلام المسلمين).
31- عبادة بن الصامت (ضمن سلسلة أعلام المسلمين).
32- المذاهب الإسلامية الخمسة، بالمشاركة.
وغير ذلك من المؤلفات الأخرى التي يطول المقال بذكرها والتي شملت مختلف العلوم الشرعية.
وفاته:
وفي مساء السبت 23 من شوال 1436هـ الموافق 8 أغسطس 2015، وفي مدينة دمشق عادت روحه الطاهرة إلى باريها، عن عمر قارب الـ 83 عاما، قضاها في العلم والعمل والتأليف.. فرحمه الله رحمة واسعة وأسكنه في الدرجات العلى من الفردوس.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة



الأكثر مشاهدة اليوم

حدث في مثل هذا الأسبوع

حدث في مثل هذا الأسبوع (16-22 من ذي الحجة)

وفاة المؤرخ اليمني محمد محمد زبارة 16 من ذي الحجة 1380هـ(1961م) وهو مؤرخ، ونسابة، وأديب وشاعر، من كبارعلماء عصره، له...المزيد