الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التربية على الاعتدال

التربية على الاعتدال

التربية على الاعتدال

مفهوم الاعتدال ودائرة اتصاله بالشخصيــة أوســع مما يتصور كثير منا؛ فهو ليس مقابلاً للغلوِّ في الدين فحسب، وليس قاصراً على مجال التديُّن وحده وإن كان من أهمِّ مفرداته وصوره.

إنه سِمَة للشخصية تترك أثرها على نظرة الإنسان وفهمه للدين، وعلى ممارسته له، وعلى تعامله مع المخالفين.

كما أنها تترك أثرها على أخلاق الإنسان وسلوكه، وعلى قراراته وإدارته لحياته الشخصية، وعلى تعامله مع الأفكار؛ قبولاً وردّاً، ونقداً وتقويماً.

وحين ننظر إلى الاعتدال هذه النظرة الأوسع ندرك اتِّساع الخلل في البناء التربوي؛ فغياب الاعتدال في المنتَج التربوي ليس حالة شاذة ولا قليلة، بل نجد صوره ونماذجه بارزة، وهو ما يتطلب من المربِّين ضرورة الحرص على بناء الاعتدال والتربية عليه.

وبناء الشخصية المعتدلة لا يتأتَّى من خلال الحديث مع المتربين عن ضرورة الاعتدال ومساوئ التطرف؛ فكثير ممن يذمون التطرف ويدعون إلى الاعتدال لا يسلمون من التطرف والتربية عليه من جهة أخرى.

يحتاج المتربي حتى ينشأ على الاعتدال إلى ما يلي:

• أن تتاح له فرص نقاش الآراء والأفكار التي يسمعها وإثارة التساؤلات حولها وإبداء رأيه بكل هدوء، وألا يتردد في مخالفة رأي المربي أو يجد حرجاً في ذلك.

• أن يعتاد سماع اللغة الهادئة والناضجة في نقاش الأفكار والقضايا والحديث عنها؛ نفياً وإثباتاً وتقويماً ونقداً.

• أن يعتاد سماع المنطق النسبي في التعامل مع المواقف والأفكار، دون اللغة الحادة والقاطعة التي تصنف الأشياء في دائرتي القبول والرفض، الصواب والخطأ. وهذا لا يعني القبول بالتطرف المقابل الذي يفترض النسبية في كل شيء، ويلغي دائرة الحق والباطل تماماً؛ فهو تطرف آخر مقابل لهذا التطرف.

• أن يتربَّى على ممارسة التفكير الحر، والتحليل العميق للأفكار، والنظرة الواسعة التي تتعامل مع الموقف من زوايا عدة ولا تختزله في زاوية واحدة.

• العناية باتِّساع الثقافة والمعرفة وعمقها، وتنوُّع مصادرها؛ فالتطرف يتسع أكثر لدى من يعيش ضحالة فكرية وثقافية، أو يتعامل مع مصدر محدود.

إننا بحاجة إلى أن نكون جريئين في نقد واقعنا، وفي الاعتراف بأننا نعاني من حدة وتطرف في تفكيرنا، وأن اتفاقنا مع آراء من نحبهم ونُجِلُّهم لا يعني بالضرورة أنهم قد تجاوزوا مرحلة الحاجة إلى بناء الاعتدال والتربية عليه.

ونقطة البداية من وجهة نظري الشخصية تتمثل في العناية بتربية المربين على الاعتدال، وكسر حدة التطرف والانغلاق في التفكير.

إن حالات الغلوِّ في الدين لا تزال محدودة - رغم خطورتها - لدى المربين، لكن الحالة الأكثر انتشاراً هي الحدة والتطرف في التفكير، وهي تقود إلى كثير من الصراعات داخل الصف الإسلامي، وإلى التشنج في إدارة الخلاف، والضيق في التعامل، وهو ما يتطلب العناية به في تربية الشباب وإعدادهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

البيان: محمد بن عبدالله الدويش

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة



الأكثر مشاهدة اليوم

خواطـر دعوية

فأما اليتيم فلا تقهر

إن مظلة العدالة في الإسلام تحمي الضعاف، وتحنو على الصغار وتحفظ حقوقهم وتنظم علاقاتهم فلا يستذل فيها ضعيف لضعفه،...المزيد