أي منطق وأي مبرر يجيز أن يسلم أحدهم فلذات كبده من بنين وبنات، والبنات على الأخص إلى فئات من غير المحارم ممن يعملون كخدم وسائقين أو حراس أبواب وخياطين وغيرها من المهن التي يزاولها عدد كبير من تلك العمالة؟!
فتيات صغيرات وأخريات يافعات أو شابات على درجة عالية من النضارة والجمال يتجولن في سيارات فارهة، يقودها غرباء ذهاباً وإياباً خارج البيوت والأحياء وبعيداً عن أعين الرقباء، غرائزهم ثائرة وأعينهم شاهرة ونواياهم ماكرة يتحين أحدهم أي فرصة لإشباع دوافعه الجنسية، ويالها من مأساة حينما يجد الفرصة سانحة والظروف مهيأة كي يرتكب ذلك الجرم الشنيع مع من يذهب بهن ويجيء من فتيات بريئات أو مراهقات مسكينات!!
إن ملامح تفريط الآباء وتقصيرهم في ذلك الأمر الخطير لم تعد خافية، آباء وأمهات تخلوا عن واجباتهم وأوكلوا الأمانات إلى غير أهلها، وأي الأمانات أعظم من رعاية أفراد الأسرة والحرص على سلامتهم من كل فساد وانحراف؟!
وأين الوعي وأين الضمير الحي، بل أين الاحساس بالمسؤولية؟! مجتمعات عديدة تعاني ويلات الانفلات الأسري والتفريط في حق الرعاية الوالدية والقصص المؤلمة في ذلك عديدة وموجعة، ويالها من مصيبة أن نسمع ونقرأ قصصاً مماثلة وقد حدثت وتكررت في مجتمعنا بعدما تساهل الأهل في تسليم قيادة الأولاد للسائق الأجنبي، وإلى غيره من أصحاب المهن والأعمال الغرباء الذين ثبت ان نسبة كبيرة منهم قدمت من مجتمعات تشيع فيها العلاقات المحرمة والممارسات الشاذة، وأن أعداداً كثيرة منهم بعيدون عن تعاليم الدين والأخلاق والأمانة.
وماتزال التحولات العكسية شاهدة على فداحة الجريمة فنحن نرى عائلات تنزل الكماليات منزلة الضروريات، يشترون المركبات الجديدة الفارهة ثم يقدمون معها أعز وأغلى ما عندهم، أعني بناتهم الصغار وصباياهم الجميلات لتكتمل بذلك شروط الأمنيات الشيطانية لدى بعض أولئك المستخدمين بعد فترات انقطاع وامتناع عن ممارسة الشهوة الكامنة.
آباء وأمهات مشغولون بمظاهر الحياة ومباهجها الزائلة، فإذا ما تحدثت إلى أحدهم وجدته يتباكى على أوجاع الأمة ومشاكل المجتمع ويقدم اقتراحاته «المهمة» لمعالجة تلك الأوضاع، في وقت يهمل خلاله أولاده وعياله في أيدي الخدم والسائقين، ويتناسى انه سبب مباشر في وقوع المآسي المتوالية وهم يوفرون لأولئك الأجانب فرصاً سانحة لاشباع الرغبات الجنسية المكبوتة وايقاع أبشع أنواع الجرائم المفزعة في أجساد بنات صغيرات وأطفال أبرياء.
مؤلم حقاً ألا يفيق أحدهم ويشعر بفداحة الكارثة إلا عندما تقع عليه وعلى أسرته وعياله، فيبكي دماً ويتجرع مرارة الحسرة والندامة.
إنها قضية تحتاج إلى وقفات ولن تكفيها عشرات المقالات، وان نداء الواجب وجسامة المسؤولية يحتمان أن نتكاتف جميعاً من أجل إنقاذ مجتمعنا من التعرض لتلك الأخطار المحدقة، مع دعائي للجميع بالسلامة والعافية.
ـــــــــ
راشد العودة الفضلي (الشرق القطرية 15 مارس 2007) بتصرف.