الحرب الحاقدة التي يشنها الغرب على الإسلام ديناً وعقيدة وشريعة وقرآناً وسنة بدأت تسفر عن وجهها البغيض، دون مواربة أو خجل.
فبعد أن كانت تلك الحرب تتدثر بشعارات الحرب على ما يسمى "الإرهاب" ومقاومة "التطرف" والزعم بمناصرة حقوق الإنسان في الفكر والإبداع، تأييداً للذين يفترون على الإسلام والقرآن والنبي صلى الله عليه وسلم ، وينشرون الأكاذيب والأضاليل. بعد أن كانت تلك الحرب متخفية تحت تلك الشعارات الخادعة صارت اليوم سافرة بكل جرأة، معلنة استهدافها للقرآن الكريم ذاته، والإسلام بمبادئه وشريعته ونبيه صلى الله عليه وسلم .
وإن مؤتمر "علمنة القرآن" الذي انعقد في مدينة "سان بتسبرج" بولاية فلوريدا الأمريكية يومي 4 و5 مارس الجاري يمثل حلقة من حلقات تلك الحرب الجهنمية على الإسلام، وهو المؤتمر الذي تحالفت فيه خطط المخابرات الدولية، مع دراسات وأبحاث وأفكار جيش من الباحثين والخبراء ومراكز الدراسات التي تكرس نفسها لضرب الإسلام وتشويه القرآن.
وبالطبع فقد هرول إلى ذلك المؤتمر فرقة العلمانيين المتطرفين وبعض المرتدين الذين انسلخوا من دينهم وانغمسوا في خندق الحرب على الإسلام.. وغني عن البيان فإن الراعي لذلك المؤتمر هم المحافظون الجدد أو اليمين الأمريكي المتطرف. فمن أبرز المنظمين للمؤتمر مايكل ليدن الذي ينتمي إلى معهد "أمريكان إنتربرايز" الذي يساهم في تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية، و"المؤسسة الأوروبية للديمقراطية" وهي الذراع الأوروبية لمؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات" الأمريكية الموالية للكيان الصهيوني، ويسيطر عليها المحافظون الجدد، ووليام كريستول رئيس تحرير مجلة "ويكلي ستاندرد" لسان حال اليمين الصهيوني الأمريكي، وفرانك جافني رئيس مركز الدراسات الأمنية وهو من الرموز اليمينية المتطرفة.
وقد استضاف المؤتمر مجموعة من العلمانيين في العالم الإسلامي المعروفين بمناوئة الإسلام، وعدداً من المرتدات عن الإسلام من أمثال ناني درويش التي تدافع عن الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وتعلن أن سبب الحروب في المنطقة هو "ثقافة الشرق الأوسط الإسلامية"!
وطبقاً للإعلان الصادر عن المؤتمر فإنه ناقش أهمية الحاجة لنقد القرآن و"صياغة إسلام عصري" من خلال إعادة تفسير الإسلام بأسلوب عصري، وبالطبع لم ينس منظمو المؤتمر رفع اللافتات الخادعة والمعروفة عن "محاربة الإرهاب" و"حرية التعبير في العالم الإسلامي"!
وبالتزامن مع هذا المؤتمر وربما في قاعة مجاورة عقد مؤتمر آخر هو "قمة الاستخبارات" الذي ضم أكثر من عشرين مؤسسة استخباراتية عالمية، وشخصيات استخباراتية عالمية بارزة؛ لمناقشة نفس الموضوع. وهكذا يخدِّم الفكر والدراسات والأنشطة الاستخباراتية على بعضهما البعض، ويخرجان مخططاً واحداً خبيثاًَ للحرب على الإسلام، يكون جاهزاً في أيدي الإدارة الأمريكية اليمينية لتفعيله في العالم الإسلامي، عبر الضغوط السياسية والتهديدات العسكرية والابتزازات الاقتصادية.
إن هذا المؤتمر الخطير جاء ضمن سلسلة الحرب الدائرة على الإسلام والتي اشتد أوارها بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001م، فهو لا ينفك أبداً عن حملات التضليل والتشويه والسب للإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم التي تحفل بها الأوساط الغربية السياسية والثقافية والإعلامية والدينية والتي يشارك فيها الرئيس الأمريكي بين الحين والآخر. وإن تصريحاته عن "الحروب الصليبية" وعن "الإسلام الفاشي" مثال على ذلك، ويشارك فيها رأس الكنيسة الكاثوليكية بافتراءات واضحة على الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم ، وتشارك فيها بكثافة مراكز دراسات وأبحاث حاولت إخراج قرآن مزعوم اسمه "الفرقان الحق"!
كما أن حملة الضغوط الدائرة منذ سنوات على العالم الإسلامي لتجفيف ينابيع التعليم الإسلامي في بلادنا، وعمليات الغزو الثقافي والإباحي المتواصلة لا تنفصل عن تلك الحرب. كما أن الحرب الشرسة الدائرة من قبل الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة العربية المدعومة من واشنطن على الحركات الإسلامية المعتدلة وعلى الصحوة الإسلامية بعمومها لا تنفصل عن تلك الحرب.
إنها حرب شاملة على الإسلام يقودها اليمين المتصهين المتطرف، ويستخدم فيها كل الأدوات والأساليب، كما يستخدم فيها كل العملاء من سماسرة الاستعمار الحديث في الثقافة والسياسة والاقتصاد، والهدف من كل ذلك معلوم وهو وأد الصحوة الإسلامية المتنامية، وقطع الطريق على عودة الشعوب المتسارعة إلى أحضان دينها، وقناعتها بأنه الحل لكل ما تعانيه البلاد من كبت وطغيان وتخلف، وفي الوقت نفسه محاولة وقف انتشار الإسلام المتزايد في الغرب، وإقبال الغربيين بطريقة غير مسبوقة على اعتناق الإسلام.
تلك هي مخططاتهم وتلك هي حربهم الشعواء.. وتلك هي أهدافهم.. لكن سيخيب سعيهم بإذن الله تعالى:
ــــــــــ
المجتمع 1742 (10/3/2007م)